المحال ، ومراقبة الأنوار بعيون الأسرار.
قال سهل : الرهبانية مشتقة من الرهبة وهو الخوف.
قال : معناه ملازمة الخوف ما تعبدناهم به.
قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن خفيف في قوله : (فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها) : المريد الحذر من مطالعة علمه يقعده عن إقامة الأحوال الموظّفة ، ويجرّه إلى دواعي المرخص بورود الفترة ، ويحذر أن يورده الإغماض في مناولة الدنيا والمسامحة في أخذها ، فإن الله عليك رقيب ، وقد وصف الله القوم في كتابه بقوله : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها.)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) : حقيقة الإشارة مع الشاهدين لله بنعت المحبة وحلاوة الوصلة ، أيها المشاهدون اتقوني فيما وجدتم مني من لذّة الوصال ، والشغف بالجمال حتى لا يحجبكم عن السير في أنوار أزالي وآبادي ، والسباحة في بحار ذاتي بسفن العجز ، فمن احتجب لي عني فهو منقطع عني ، واقتدوا بسنّة الأنبياء والمرسلين والمشاهدين والعارفين فيها وجد مني ، واستقام في طلب المزيد ، وما احتجب به عني حيث استغفر في كل يوم سبعين مرّة من الخطاب الوقوف والسكون في المعروف ، حين سلك مسالك الآزال والآباد بمراكب الاصطفائية الأزلية.
(يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) نصيبين أي : عينين من عيون ذاتي وصفاتي ، فتروني بالعين الصفاتية مشاهدة صفاتي ، وبالعين الذاتية مشاهدة ذاتي ، كما أتى حبيبه هذين الكفين ، وهاتين العينين وبهما رآني ، وبهما عرفني.
(وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) : يعطيكم نورا من نوره يمشون بمركبه في ميادين الأزل والأبد بنعت المعرفة والمحبة.
(وَيَغْفِرْ لَكُمْ) : قصور إدراككم حقيقة وجوده.
(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : «غفور» بحيث هداكم إلى نفسه ، «رحيم» بأنه يغيثكم من الاستهلاك والاستغراق في بحار عظمته ، ويبقيكم به بعد الفناء فيه حتى تعيشوا في مشاهدة جماله أبدا.