الساعة التي فيها كشوف العجائب وظهور الغرائب من آيات الله وصفاته وذاته.
قال عبد العزيز المكي : الاقتراب يدل على معنى الأكثر ، ويمضي الأكثر عن قريب.
(وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣) وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤))
قوله تعالى : (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) : كل أمر خرج من إخبار الله عباده فذلك مستقرّ ثابت في مستقر مشيئته وإرادته الأزلية إلى وقوعه في مواضعه ، لا يتغير عن مراد الله ، ولا يغيره أحد دون الله.
قال القاسم : كل أمر من أموري أمضيته على خلقي استقر قراره لا يزول أبدا لا يقايضني أحد بخلاف ، ولا يدافع أمري بجهد ، وذلك استقرار أموري قرارها وثبوت قسمي لهم.
(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩))
قوله تعالى : (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) أي : الكاملة الجامعة لكل حكمة الحكماء وحقيقة علوم العلماء ؛ لأنها حكمة أزلية ، إذا انكشفت لعارف يراها على كمال النهايات في وضوح بينات الحقائق ، فغرق من بحارها نوادر الحقائق ، وغرائب الدقائق وهي لا تنتهي أبدا.
قال أبو يزيد : كل آية تمر بالعارف له في ذلك حكمة ، وأكبر آية له في الحكمة البالغة ؛ لأنها ثابتة في حدود المعرفة بالغة منتهاها.
(فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (١٠))
قوله تعالى : (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) : لو شاهد عليهالسلام ما وعد الله في أوائل حاله من النصر والظفر بالحقيقة لسكن في ورود الامتحان عليه ، هذا لوط عليهالسلام إذ احتجب بالامتحان عن شهود مشاهدته الرحمن (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) ، وأي قوة أقوى من قوة الله ، وأي ركن أشد من الله ، لكن حكمته فرار نوح من الله إلى الله ، وذلك معادن الأمن والانبساط والحقيقة والافتقار ، والأول منزل التوحيد ؛ إذ أفنى عن الدعاء صدق هو مغلوب الله ، ومن صبر بالله هناك هو غالب على ما دون الله.
قال بعضهم : لولا ما أجرى الله على لسان الوسائط لتأديب العبد لضلوا ممن ينتصر بي