وقال ابن عطاء : التحية الأمان.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣))
قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) إشارة الآية إلى المريدين وموافقتهم مشايخهم في جميع الأحوال ألا يستبدوا بآرائهم في أمور الشريعة والطريقة ، وألا يخالفوهم بالاستبداد بالخروج من عندهم إلى السفر والحضر والمجاهدة والرياضة.
قال عبد الله الرازي : قال قوم من أصحاب أبي عثمان لأبي عثمان : أوصنا ، قال : عليكم بالاجتماع على الدين ، وإياكم ومخالفة الأكابر والدخول في شيء من الطاعات إلا بإذنهم ومشورتهم وواسوا المحتاجين بما أمكنكم ، فأرجوا ألا يضيع لكم سعي ، قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) احترام الرسول من احترام الله ، ومعرفته من معرفة الله ، والأدب في متابعته من الأدب مع الله.
قال ابن عطاء : لا تخاطبوه مخاطبة ، ولا تدعوه بكنيته واسمه واتبعوا آداب الله فيه بدعائه (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) ، و (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ.)
وقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) الفتنة هاهنا والله أعلم فتنة صحبة الأضداد والمخالفين والمنكرين ، وذلك أن من صاحبهم بسوء ظنه بأولياء الله ؛ لأنهم أعداء الله ، وأعداء أوليائه يقعون كل وقت في الحق ، ويقبحون أحوالهم عند العامة لصرف وجوه الناس إليهم ، وهذه الفتنة أعظم الفتن.
قال أبو سعيد الخراز : الفتنة هي إسباغ النعم مع الاستدراج من حيث لا يعلم العبد.
وقال رويم : الفتنة للعوام ، والبلاء للخواص.
وقال أبو بكر بن طاهر : الفتنة مأخوذ بها ، والبلاء معفو عنه ومثاب عليه.
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤))