وقال يوسف بن الحسين : ليس بصابر من يتجرع المصيبة ويبدي فيها الكراهية ، بل الصابر من يتلذذ بصبره حتى يبلغ به إلى مقام الرضا.
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (١٦))
قوله تعالى : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) : بيّن الله سبحانه مراتب حبيبه صلىاللهعليهوسلم في منازل التوحيد والعبودية هاهنا ، فإذا لم يكن غيره في محل موازاة الأزل توجه إليه خطاب الحقيقة في أمر العبودية وعرفان الربوبية ، فإخلاصه في العبودية خروجه من رسم الحدثان في مشاهدة الرحمن ، وبيّن سبحانه في أمره إياه بقوله : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) أي : حين تظهر طوارق أنوار أزليته وسنا جلال أحديته هو أول من يقبل إليها بنعت قبول حقائقها ومعرفة إجلالها وجلالها بنعت الانقياد في معارك عساكر سلطانها ، والفناء عن أوصاف الحدوثية في ملكوتها وجبروتها هذا شوق الإخلاص والإسلام من يشتري حلاوة وجه المحبوب ببذل وجوده من العرش إلى الثرى ، فالكل مخاطبون بخطابه ، فمن يرغب أن يفنى في هذه المقامات السنية حتى يبقى ببقاء الحق.
قال الجنيد : الإخلاص أصل كل عمل ، وهو مربوط بأوائل الأعمال ، ومنوط بأواخر الأعمال ، ومضمر في كل الأقوال ، وهو إفراد الله بالعمل.
وقال أيضا : أمر جميع الخلق بالعبادة والتعبد ، وأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالإخلاص في العبادة ، علم الحق تعالى أن أحدا لا يطيق تمام مقام الإخلاص سواه ، فخاطبه به.
(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ (٢٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي