السعادات ، ويتصل بمشام الكافة ، فيتم ما نقص عليهم من الزيادات ، فلا يبقى صاحب يقين إلا حظي منه بنصيب.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (٥٤) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧) وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ (٥٨) كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩))
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) : فطرة آدم عليهالسلام خلقت بنعت الضعف عن حمل وارد أنوار الربوبية وعرفان حقائق الألوهية ؛ لأنها كانت حادثة وقعت في موازاة القدم ، ففنيت بسطوة بقاء الأزل.
قال الواسطي : خلقه خلقة لا يمكنه أن يجر نفعا ولا يدفع ضرّا ، هل هو إلا الضعف التام.
[سورة الروم (٣٠) : آية ٦٠]
(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ (٦٠))
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) : سلى نبيه صلىاللهعليهوسلم في احتمال جفوة المعاندين والمخالفين ، وحثه على الصبر في أداء الرسالة ومباشرة الشريعة التي شغلته عن مشاهدة القدم ، قال سبحانه : (فَاصْبِرْ) في العبودية ، فإن بعد أداء العبودية كشف الربوبية لك ، (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) : بكشف الحجاب لك ، ويا عاقل إن أشد الصبر ، الصبر في الحجاب ، ثم الصبر في العتاب ، ثم الصبر في كشف النقاب ، ثم الصبر في الخطاب ، ثم الصبر في القربات ، ثم الصبر في المداناة ، ثم الصبر في الوصلات ، ثم الصبر في لطف الأنس ، ثم الصبر في سطوة القدس ، ثم الصبر في الانبساط ، ثم الصبر في العربدة ، ثم الصبر في الاتصاف ، ثم الصبر في الاتحاد ، ثم الصبر في السكر ، ثم الصبر في الغيبة عن الحق ، ثم الصبر في رؤية نفسه بعد غيبة الحق ، ثم الصبر في غلبة الأنائية ، هذا أشد جميع الصبر والاصطبارات ، ولا يعرف هذه المقامات في الصبر إلا ذو الكمال من العارفين.
وقال رويم : الصبر ترك الشكوى. وقال المحاسبي : الصبر التهدف بسهام البلاء.