تلك الأحكام ومناطاتها ، لا تندرج تحت ضابط ، ولا تجب أن تكون هي بعينها المصالح العمومية المبني عليها حفظ النظام وإبقاء النوع ، وعليه فلا سبيل للعقل بما هو إليها ، نعم لو اتّفق إدراك مصلحة حاصلة لبعض الأحكام بحيث كانت في نظر العقل تامة الاقتضاء فهل يحكم الفعل بحكم الشارع على طبقها أملا ...»؟ (١)
وقال الشيخ المظفر ، بعد تقرير البحث بنفس تقريرة أُستاذه : «... وعلى هذا فلا سبيل للعقل بما هو عقل إلى إدراك جميع ملاكات الأحكام الشرعية ، فإذا أدرك العقل المصلحة في شيء أو المفسدة في آخر ، ولم يكن إدراكه مستنداً إلى المصلحة أو المفسدة العامّتين اللتين يساوي في إدراكهما جميع العقلاء ، فانّه ـ أعني العقل ـ لا سبيل له إلى الحكم بأنّ هذا المدرك ، يجب أن يحكم به الشارع على طبق حكم العقل أو يحتمل انّ هناك ما هو مناط لحكم الشارع ، غير ما أدرك العقل أو انّ هناك مانعاً يمنع من حكم الشارع على طبق ما أدركه العقل ، وإن كان ما أدرك مقتضياً لحكم الشارع.
ولأجل هذا نقول : إنّه ليس كل ما حكم به الشرع يجب أن يحكم به العقل وإلى هذا يشير إمامنا الصادق (عليهالسلام) : «إنّ دين الله لا يصاب بالعقل» ، ولأجل هذا نحن لا نعتبر القياس والاستحسان من الأدلّة الشرعية على الأحكام». (٢)
وبما ذكرنا يتبيّن لك انّ بعض ما رُدَّ به على القاعدة فهو خارج عن حريم النزاع وإنّما هو راجع إلى المسألة الثانية التي هي خارجة عن محط البحث ولننقل كلام النافين والمثبتين
حتى يتجلّى الحقّ بأجلى مظاهره :
١ ـ كلام الزركشي وهو من النافين :
ذهب الزركشي إلى أنّ الحسن والقبح ذاتيان ، والوجوب والحرمة شرعيان
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ١٣٠.
(٢) اصول الفقه : ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.