بأن جعل الحجية لخبر الثقة فيه تفويت لمصلحة الواقع كما لو أخبر العادل عن وجوب الظهر وكان الواجب في الواقع هو صلاة الجمعة أو بالعكس ، حينئذ يقال «لابن قبة» ، أنه بقدر ما يفوّت من الواجب الواقعي بسلوك الإمارة ، يكون بسلوكها بما هو سلوك ، مصلحة يتدارك ويستوفى بها الخسارة التي تفوت من هذه الناحية.
والخلاصة ، هي أن المصلحة الملحوظة في الاحتمال الخامس كانت مصلحة يتدارك بها قبح التفويت على المولى مع أن هذا التفويت حاصل ، غايته أنه تفويت لا قبح فيه لوجود عذر للمولى فيه. بينما هنا في الاحتمال السادس يفترض مصلحة بحيث لا يبقى معها تفويت لأنها مصلحة تداركية لكن بمقدار العمل على طبق الإمارة. وحينئذ بناء على هذا الاحتمال لا إشكال في عدم الإجزاء إذا انكشف الخلاف في الأثناء وعدم التصويب أيضا ، وذلك لأن هذه المصلحة السلوكية إنما يحصل بها التدارك بمقدار ما يفوّت من الواقع ، ومن الواضح هنا أن الإمارة لم تفوّت على المكلّف صلاة الظهر ، نعم هي فوّتت عليه مصلحة فضيلة أول الوقت لأنها أشغلته بصلاة الجمعة ، أمّا مصلحة أصل الصلاة الأدائية ، لم تفوّته عليه ، لارتفاع التعبّد في أثناء الوقت ، وحينئذ لا يبقى موجب لبرهان «ابن قبة» في قبح تفويت مصلحة الواقع ، وذلك لوجود مصلحة تداركية لأصل الصلاة الأدائية وإن فاته مصلحة فضيلة أول الوقت ، ومقتضى إطلاق دليل الواقع وجوب الإعادة وعدم الإجزاء.
هذا إذا انكشف الخلاف. وأمّا لو استمرّ به الجهل واستمرت حجية الإمارة إلى أن انتهى الوقت فلا بدّ من فرض أن الإمارة تتدارك تمام الخسارة.
لكن يبقى الكلام هنا في وجوب القضاء وعدمه ، وهنا يقال كما ذكر السيد الخوئي (١) بأنه لا يجب عليه القضاء بعد ذلك وذلك لأن القضاء فرع الفوت والخسارة ، «اقض ما فات كما فات» ، وهنا لم تحصل خسارة لأن
__________________
(١) محاضرات فياض ج ٢ ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨.