الفردية ، والفرد موجود في الخارج ، فالمشتمل عليه موجود في الخارج إذن فالكلي الطبيعي موجود في الخارج.
المسألة الثانية : هي أنه بعد التسليم بوجود الكلي الطبيعي في الخارج ، وقع النزاع في تشخيصه في أنه ما هو ، كيف وجوده ونحو وجوده في الخارج.
وهذا النزاع حكاه الشيخ الرئيس (١) ، بينه وبين زميله الهمداني ، فالهمداني يرى أن الكلي الطبيعي موجود في الخارج بوجود واحد عددي ، بحيث أن وجوده يتميّز عن الوجودات الشخصية ، بالسعة والشمول ونحوه ، وهو وجود واحد عددي.
وابن سينا وبقية الحكماء ، يروا أنّ الكلي الطبيعي له آلاف الوجودات في ضمن آلاف الأفراد فليس هناك وجود واحد عددي يشار إليه بأبي الإنسانية ، والمتسع لكلّي الإنسانية ، بل كلّي الإنسانية ، موجود بوجودات كثيرة ضمن أفراد كثيرة.
ولهذا قالوا أولا ، بأن نسبة الكلي الهمداني إلى أفراده ، نسبة الأب إلى أبنائه ، وقالوا ثانيا ، بأنّ نسبة الكلي الطبيعي عند ابن سينا ، إلى أفراده ، نسبة الآباء إلى لأبناء ، فكل فرد بلحاظ كونه فردا هو بمثابة الابن وبلحاظ اشتماله على حصة من الطبيعي كأنه الأب.
وعلى هذا ، إن قيل بأن الطبيعة تنوجد بفرد واحد ، ولا تنعدم إلّا بانعدام جميع الأفراد ، فهذا القول يتناسب مع قول الهمداني في المسألة الثانية من البحث ، لأنّ الكلي الطبيعي له وجود واحد عددي ، ونسبته إلى الأفراد نسبة الأب إلى أبنائه ، فعلى هذا يصح أن يقال بأن وجود الطبيعة يكفي فيه أيّ فرد من أفرادها لوضوح أن الكلي الطبيعي عين الفرد ، فوجود الفرد وجود له ، ولكن لا ينعدم إلّا إذا انعدمت سائر الأفراد ، إذ ما دام يوجد فرد لهذا الكلي
__________________
(١) النجاة : ابن سينا ص ٢١.