من الأخبار ، هو نفع «العالم» ، لا أصل وجود «العالم» ، فما هو بصدد كشفه بإخباره ، إنما هو النفع ، وهذا تماما في باب الإنشاء ، فإنّ الطالب يكون بصدد إيجاد الإكرام ، فنسبة النفع إلى الأخبار ، كنسبة الإكرام إلى الطلب ، ونسبة «العالم» إلى الإخبار كنسبة «العالم» إلى الإنشاء.
إذن فبعد تطابق النسبتين ، لا بدّ وأن تكون النتيجة واحدة ، فعند ما نقول «العالم نافع» ، نرى أن هذا الإخبار بلحاظ «العلماء» انحلالي ، بمعنى أنّ هذا «العالم» نافع وذاك العالم نافع وهكذا ، لا أنّ عالما واحدا نافع ، وأمّا بلحاظ متعلّق الإخبار ، وهو النفع ، فلا يكون انحلاليا بمعنى أن «العالم» له منفعة واحدة ولا يثبت له عدة منافع تماما كما في أكرم العالم فكما كان الحكم بلحاظ الموضوع متعددا ، وبلحاظ المتعلّق متحدا ، بمعنى أنه لا يقتضي إكرامات متعددة ، فكذلك في «العالم نافع» ، فكل عالم يصيبه إخبار من هذه الإخبارات المتعددة ، وأمّا النفع ، وهو متعلق الإخبار ، لا يكون متعددا ، بمعنى أنه ليس كل نفع ، نفع ثابت «للعالم» ، بل غاية ما يثبت وجود منفعة «ما».
وسر ذلك في الإخبار والإنشاء ، ما تقدم ، من أن الموضوع مأخوذ مفروغا عنه في مرتبة سابقة على الإخبار والإنشاء ، وهذا بخلاف المتعلّق ، فإنه لم يؤخذ مفروغا عنه في المرتبة السابقة.
وبتعبير آخر ، هو أنّ كلا من هاتين القضيتين ، «أكرم العالم» و «العالم نافع» تحتوي على نسبتين ولحاظين ، فمن حيث نسبة الإخبار إلى الموضوع ، ونسبة الإنشاء إلى الموضوع ، تكون قضية شرطية ، ففي «أكرم العالم» نسبة الوجوب إلى «العالم» ، هي نسبة الجزاء إلى الشرط ، فكأنه قال ، إذا وجد العالم فأكرمه ، كما في «العالم نافع» ، يكون نسبة الإخبار إلى العالم ، أيضا نسبة الجزاء إلى الشرط ، فكأنه قال ، إذا كان هناك عالم ، فهو نافع ، ولهذا ، المخبر هو غير متصد للإخبار بأنه يوجد عالم أو لا يوجد عالم ، بل مقصوده ، أنه إذا كان هنالك عالم فهو نافع ، وهكذا المنشئ ، هو غير متصد إلى طلب