والمحقّقين من الأصوليّين المحقّق القمّي في القوانين ، ومن الأخباريّين المحدّث الأسترآبادي والكاشاني ، ولا يضرّ خلافهم مع أنّ خلاف الأخباريّين من جهة أنّهم لا يرون أصل التقليد جائزا ، ويرون العمل بقول المفتي هو العمل بالرواية لا الفتوى.
وممّا يؤكّد هذا الإجماع أنّه بناء على ما ذكرنا من أنّه مع العلم بالمخالفة لا تشمل الأدلّة شيئا من الفتاوى المختلف .. (١). والدليل حينئذ منحصر بالسيرة ، وهي قائمة على تقليد الأعلم من غير فرق بين كونه حيّا أو ميّتا ، ولازم ذلك هو الرجوع في كلّ عصر إلى من يكون أعلم من الجميع كان حيّا أو ميّتا ، ففي عصر الشيخ الطوسي مثلا ، لا بدّ من الرجوع إليه في زمانه وبعده حتى يأتي زمان يوجد فيه أحد أعلم منه ، وهكذا إلى زماننا هذا ، فينحصر مرجع التقليد بأشخاص مخصوصة ، وهذا بعينه مذهب العامّة الذين حصروا مراجع تقليدهم بالأربع ، وبذلك تأخّروا في الفقه والأصول عن الشيعة تأخّرا فاحشا ، وهو ممّا يقطع بأنّ الخاصّة على خلافه ، بل ادّعي ـ وليس ببعيد ـ أنّ بقاء العلم في الشيعة إنّما هو من جهة عدم تجويز تقليد الميّت وتجديد نظرهم يوما فيوما في مدارك الأحكام ـ الّذي ادّعاه الأكابر على عدم جواز تقليد الميّت ، أو بالأدلّة اللفظيّة التي حصر جواز التقليد فيها بالعناوين التي قلنا : إنّ صدقها يتوقّف على حياة المفتي عند الرجوع إليه.
وبالجملة ، من ضمّ بعضها ـ وهو ما له مفهوم ، كقوله عليهالسلام : «من كان من الفقهاء صائنا لنفسه» (٢) إلى آخره ـ إلى بعض يستفاد عدم جواز تقليد غير
__________________
(١) مكان النقاط مخروم في الأصل.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٥١١ ـ ٣٣٧ ، الوسائل ٢٧ : ١٣١ ، الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.