الأحكام أو يعمّ الموضوعات ومتعلّقات الأحكام أيضا ، فإذا شككنا في ثوب أنّه من المأكول أو من غيره هل يمكن القول بصحّة الصلاة فيه بأن يقال : إنّ هذه الصلاة التي نأتي بها في الثوب المشكوك كانت بحيث لو وقعت قبل لبس هذا الثوب لم تكن واقعة في غير المأكول وصحيحة يقينا فالآن كما كانت ، أو لا يمكن؟
ذهب شيخنا الأستاذ إلى الثاني ، نظرا إلى اختلال الركن الركين من الاستصحاب ، وهو بقاء الموضوع ، فإنّ ما نريد استصحابه التعليقي ـ وهو صحّة الصلاة ـ لم يكن متحقّقا سابقا كما أنّ الأمر في المثال المعروف للاستصحاب التعليقي أيضا كذلك ، فإنّ موضوع الحرمة التعليقيّة ـ وهو عصير العنب ، الّذي هو ماء متكوّن فيه ـ غير محرز بل مقطوع العدم في عصير الزبيب ، الّذي هو ماء خارجي يمتزج بأجزاء الزبيب ويسمّى عصير الزبيب (١).
هذا ، وما أفاده من لزوم إحراز الموضوع في الاستصحاب ، وأنّه ركن ركين ، وما ناقش في المثال المعروف تامّ في محلّه ، أمّا ما أفاده من عدم إحراز الموضوع في مثال الصلاة في اللباس المشكوك ففيه : أنّ الموضوع ليس هو الصلاة الخارجية ، لعدم كونها متعلّقة للوجوب قطعا ، بل الموضوع هو طبيعيّ الصلاة ، وحينئذ نقول : كان طبيعيّ الصلاة قبل ساعة بحيث لو أوجد لا وجد في المأكول والآن كما كان.
ولكنّ التحقيق عدم الجريان ، لما مرّ غير مرّة من أنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون موضوعا ذا حكم أو حكما شرعيّا ، والصلاة بوجودها الفرضي لا تكون حكما ولا موضوعة لحكم من الأحكام ، فإنّ سقوط الأمر وغيره من
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤١٣.