أنّ موضوع حكم النجاسة في لسان الأدلّة هو عنوان الميتة ، وليس في شيء من الروايات وغيرها كون عنوان غير المذكّى موضوعا للنجاسة إلّا رواية واحدة يتوهّم منها ذلك ، ورفعنا هذا التوهّم هناك ، وعنوان الميتة ـ كما فسّره صاحب المصباح بأنّه ما استند موته إلى غير سبب شرعي (١) ـ أمر وجودي لا يمكن إثباته باستصحاب عدم التذكية وعدم استناد موته إلى سبب شرعي ، فإنّ لازمه العقلي هو استناده إلى سبب غير شرعي ولا أقلّ من احتمال كونه أمرا وجوديّا ، فالحقّ بالقياس إلى حكم النجاسة مع الفاضل التوني قدسسره.
الثاني ـ وهو الّذي يناسب المقام ـ : أنّ عدم التذكية له فردان : فرد مقترن بحياة الحيوان ، وهو لا يكون موضوعا لحكم النجاسة. وآخر مقترن بزهوق الروح عنه ، وهو الموضوع للحكمين ، والفرد الأوّل مقطوع الارتفاع غاية الأمر أنّه نحتمل وجود الفرد الآخر منه مقارنا لارتفاع الفرد الأوّل ، فاستصحاب كلّي عدم التذكية ـ ولو فرض أنّ موضوع الحرمة والنجاسة هو غير المذكّى ـ من استصحاب الكلّي في القسم الثالث الّذي لا نقول بجريانه.
وفيه : أنّه ليس العدم المقترن بالحياة فردا لعدم التذكية ، والعدم المقترن بالموت فردا آخر ، ضرورة أنّ العدم أمر واحد مستمرّ حال الحياة والممات ، كما أنّ قيام زيد وقت طلوع الشمس إلى الزوال ومنه إلى الغروب ليس إلّا قياما واحدا شخصيّا مستمرّا لا أنّه كلّي ذو فردين ، فاستصحاب عدم وقوع التذكية إلى زمان زهوق الروح استصحاب شخصي ، ويلتئم الموضوع المركّب من خروج الروح وعدم التذكية بضميمته إلى أمر وجداني وهو خروج الروح ، ولا يعتبر في الاستصحاب وجود الأثر للمتيقّن حدوثا ، بل يكفي
__________________
(١) المصباح المنير : ٥٨٤.