وانما قيل : كسب السيئة ، لأنه اجتلب (١) بها النفع عاجلا (٢).
فصل : قوله (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الاية : ١٤٢.
أخبر الله تعالى نبيه عليهالسلام أنه سيقول لك فيما بعد السفهاء ، وهو جمع سفيه ، وهو والجاهل والغبي نظائر.
«ما ولاهم» معناه : أي شيء ولاهم ، ومعنى «ولاهم» صرفهم عنه ، ومثله قلبه عنه وقبله عنه عن قبلتهم التي كانوا عليها ، فالقبلة الجهة التي تستقبل في الصلاة وقبلة المسلمين الكعبة.
والسفيه الخفيف الى ما لا يجوز له أن يخف اليه ، وهي صفة ذم في الدين ، وضد السفه الحكمة. واشتقاق «ولاهم» من الولي ، وهو حصول الثاني بعد الاول من غير فصل ، والثاني يلي الاول.
وانما صرفهم الله عن القبلة الاولى ، لما علم الله تعالى من تغير المصلحة في ذلك. وقيل : انما فعل ذلك لما قال الله تعالى (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) لأنهم كانوا بمكة ، أمروا أن يتوجهوا الى بيت المقدس ، ليتميزوا من المشركين الذين كانوا بحضرتهم يتوجهون الى الكعبة.
فلما انتقل رسول الله صلىاللهعليهوآله الى المدينة كانت اليهود المجاورون للمدينة يتوجهون الى بيت المقدس ، فنقلوا الى الكعبة ليتميزوا من هؤلاء كما أريد في الاول أن يتميزوا من أولئك. واختار ذلك البلخي والجبائي والرماني.
وقوله (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) أمر من الله تعالى لنبيه أن يقول لهؤلاء الذين
__________________
(١). في التبيان : أجلب.
(٢). الى هنا ثم المقابلة مع المجلد الاول من كتاب التبيان.