القائل للواحد : يا فلان أكلتم أموالكم بالباطل ، فيخاطب الواحد بخطاب الجميع ويريد به أنك وأصحابك أو قومك أكلتم.
قوله (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) معناه : ما جعله الله قوام معايشكم ومعايش سفهائكم بها تقومون قياما وقواما بمعنى واحد.
وفي الاية دلالة على جواز الحجر على اليتيم إذا بلغ ولم يؤنس منه الرشد لان الله تعالى منع من دفع المال الى السفهاء ، وقد بينا أن المراد به أموالهم على بعض الأحوال.
وفي الاية دلالة على وجوب الوصية إذا كان الورثة سفهاء ، لان ترك الوصية بمنزلة إعطاء المال في حال الحياة الى من هو سفيه ، وانما سمي الناقص العقل سفيها وان لم يكن عاصيا ، لان السفه هو خفة الحلم ، ولذلك سمي الفاسق سفيها لأنه لا وزن له عند أهل الدين والعلم ، فثقل الوزن وخفته ككبر القدر وصغره.
فصل : قوله (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) الاية : ٦.
واختلفوا في معنى الرشد ، فقال السدي وقتادة : معناه عقلا ودينا وصلاحا. وقال الحسن وابن عباس : معناه صلاحا في الدين وإصلاحا في المال (١).
وقال مجاهد والشعبي : معناه العقل ، قال : لا يدفع الى اليتيم ماله وان أخذ بلحيته وان كان شيخا حتى يؤنس منه رشده العقل.
وقال ابن جريح : صلاحا وعلما لما يصلحه.
والأقوى أن يحمل على أن المراد به العقل وإصلاح المال ، على ما قال ابن عباس والحسن ، وهو المروي عن أبي جعفر عليهالسلام ، للإجماع على أن من يكون كذلك لا يجوز عليه الحجر في ماله وان كان فاجرا في دينه ، وإذا كان ذلك اجماعا
__________________
(١). في التبيان : للمال.