وقوله (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قبل : في معناه قولان : أحدهما ـ أنه استولى كما قال البغيث :
ثم استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
يريد بشر بن مروان. الثاني قال الحسن : استوى أمره.
قوله (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) معنته : تبارك تعالى بالوحدانية فيما لم يزل ولا يزال ، وأصله الثبات من قول الشاعر :
ولا ينجي من الغمرات الا |
|
براكاء القتال أو الفرار (١) |
فهو بمعنى تعالى بدوام الثبات. ويحتمل تعالى بالبركة ممن هي في ذكر اسمه.
وقيل : في معنى العرش قولان : أحدهما ـ أنه سرير تعبد الله تعالى الملائكة بحمله. وقيل : المراد به الملك.
فصل : قوله (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) الاية : ٥٧.
الريح على لفظ الواحد يجوز أن يراد بها الكثرة ، كقولهم كثير الدرهم والدينار وقوله (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) ثم قال (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) (٢) فأما ما جاء في الحديث من أن النبي عليهالسلام كان يقول إذا هبت ريح : اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا فلان عامة ما جاء في القرآن بلفظ الرياح السقيا والرحمة ، كقوله (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) (٣) وقوله (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) (٤) وما جاء بخلاف ذلك جاء على الافراد ، كقوله (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) (٥) وقوله (وَأَمَّا
__________________
(١). اللسان : برك.
(٢). سورة العصر : ٢ ـ ٣.
(٣). سورة الحجر : ٢٢.
(٤). سورة الروم : ٤٦.
(٥). سورة الذاريات : ٤١.