ولا الخنزير ، قالوا : والمعنى حرمت عليكم الميتة والدم وسائر ما ذكر الا ما ذكيتم مما أحله الله لكم بالتذكية فانه حلال لكم ، ذهب اليه مالك وجماعة من أهل المدينة واختاره الجبائي.
وسئل مالك عن الشاة يخرق جوفها السبع حتى يخرج أمعاؤها ، فقال : لا أرى أن تذكي ولا يؤكل أي شيء يذكى منها.
وقال كثير من الفقهاء : انه يراعى أن يلحق وفيها حياة مستقرة فيذكى ، فيجوز أن يؤكل ، فأما ما يعلم أنه لا حياة فيه مستقرة فلا يجوز بحال. واختار الطبري الاول وقال : كل ما أدرك ذكاته مما ذكر من طير أو بهيمة قبل خروج نفسه ومفارقة روحه جسده ، فحلال أكله إذا كان مما أحله الله لعباده ، واختار البلخي والجبائي الاول.
فان قيل : فما وجه تكرار قوله (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) والمنخنقة والموقوذة وجميع ما عدد تحريمه في هذه الاية ، وقد افتتح الاية بقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) والميتة تعم جميع ذلك ، وان اختلفت أسباب موته من خنق أو ترد أو نطح أو إهلال لغير الله أو أكيل سبع ، وانما يكون كذلك على معنى قول من يقول : انها وان كانت فيها حياة إذا كانت غير مستقرة فلا يجوز أكلها.
قيل : الفائدة في ذلك أن الذين خوطبوا بذلك لم يكونوا يعدون الميت إلا ما مات حتف أنفه من دون شيء من هذه الأشياء (١) ، فأعلمهم الله أن حكم الجميع واحد ، وأن وجه الاستباحة هو التذكية المشروعة.
والتذكية : هو فري الأوداج والحلقوم إذا كانت فيه حياة ولا يكون بحكم الميت وأصل الذكاء في اللغة تمام الشيء ، فمن ذلك الذكاء في السن والفهم وهو تمام السن.
قال الخليل : الذكاء أن يأتي في السن على قروحه ، وهو سن في ذات الحافر
__________________
(١). في التبيان : الأسباب.