أن التحريم لم يكن صدر عن النبي عليهالسلام وصح ما قلناه.
وقوله (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) قال الحسن وابن زيد : أي تراضيتم به من حط بعض الصداق أو تأخيره أو هبة جميعه. وقال السدي وقوم من أصحابنا : معناه لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من استئناف عقد آخر بعد انقضاء المدة التي تراضيتم عليها ، فتزيدها في الأجر وتزيدك في المدة.
وفي الاية دلالة على جواز نكاح المرأة على عمتها وخالتها ، لان قوله (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) عام في جميعهن ، ومن ادعى نسخه فعليه الدلالة.
فصل : قوله (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ) الاية : ٢٥.
ظاهر الاية يقتضي أن من وجد الطول من مهر الحرة ونفقتها ولا يخاف العنت لا يجوز له تزويج الامة ، وانما يجوز العقد عليها مع عدم الطول والخوف من العنت ، وهو مذهب الشافعي.
غير أن أكثر أصحابنا قالوا : ذلك على وجه الأفضل ، لا أنه لو عقد عليها وهو غنى كان العقد باطلا ، وبه قال أبو حنيفة ، وقووا ذلك بقوله (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ) (١) الا أن من شرط صحة العقد على الامة عند أكثر الفقهاء أن لا يكون عنده حرة ، وهكذا عندنا ، الا أن ترضى الحرة بأن يتزوج عليها أمة ، فان أذنت كان العقد صحيحا عندنا.
ومتى عقد عليها بغير اذن الحرة كان العقد على الامة باطلا. وروى أصحابنا أن الحرة تكون بالخيار بين أن تفسخ عقد الامة أو تفسخ عقد نفسها. والاول أظهر لأنه إذا كان العقد باطلا لا يحتاج الى فسخه.
قوله (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) أي : اعقدوا عليهن بإذن أهلهن ، وفيه دلالة واضحة على أنه لا يجوز نكاح الامة بغير اذن وليها الذي هو مالكها.
__________________
(١). سورة البقرة : ٢٢١.