قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم (١)
فصل : قوله (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ).
اختلفوا في تأويل بهيمة الانعام في هذه الاية ، فقال قوم : هي الانعام كلها : الإبل والبقر والغنم ، ذهب اليه الحسن وقتادة والسدي والربيع والضحاك.
وقال آخرون : أراد بذلك أجنة الانعام التي توجد في بطون أمهاتها إذا ذكيت الأمهات وهي ميتة ، ذهب اليه ابن عمر وابن عباس ، وهو المروي عن أبي عبد الله عليهالسلام. والاولى حمل الاية على عمومها في الجميع.
والانعام جمع نعم ، وهو اسم للإبل والبقر والغنم خاصة عند العرب ، كما قال تعالى (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) ثم قال (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) (٢) ففضل جنس النعم من غيرها من أجناس الحيوان ، فأما بهائمها فإنها أولادها.
وقال الفراء : بهيمة الانعام وحشيها ، كالظباء وبقر الوحش والحمير الوحشية وانما سميت بهيمة الانعام لان كل حي لا يميز فهو بهيمة الانعام ، لأنه أبهم عن أن يميز.
فصل : قوله (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) الاية : ٢.
قوله (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) ليس بعطف على (أَنْ تَعْتَدُوا) فيكون في موضع نصب ، بل هو استئناف كلام أمر الله تعالى الخلق بأن يعين بعضهم بعضا على البر ، وهو العمل بما أمرهم الله به ونهاهم أن يعين بعضهم بعضا على الإثم ، وهو ترك ما أمرهم به وارتكاب ما نهاهم عنه.
__________________
(١). ديوانه ص ٦.
(٢). سورة النحل : ٥ ـ ٨.