عليه الا ويجوز أن يكون صغيرا ، فلا يقدح في عدالتهم ، ولا يجب الاقتداء بهم فيه لكونه قبيحا ، وفي ذلك بطلان الاحتجاج بإجماعهم. وكيف يجتنبون الصغائر؟ وحال شهادتهم ليس بأعظم من شهادة النبي عليهالسلام ، ومع هذا يجوزون عليه الصغائر فهلا جاز مثل ذلك عليهم ، ولا تقدح في عدالتهم ، كما لم تقدح في عدالة النبي عليهالسلام
وقوله (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) قيل في معناه قولان :
أحدهما : عليكم شهيدا بما يكون من أعمالكم وقيل : يكون حجة عليكم.
والثاني : يكون لكم شهيدا بأنكم قد صدقتم يوم القيامة بما تشهدون به ، وجعلوا «على» بمعنى اللام ، كما قال (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) (١) أي : للنصب.
وقوله (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) أي : ما صرفناك عن القبلة التي كنت عليها الا لنعلم.
وقوله «الا لنعلم» قيل في معناه ثلاثة أقوال :
أولها : الا لنعلم ، أي : لنعلم حزبنا من النبي والمؤمنين ، كما يقول الملك :
فعلنا وفتحنا ، بمعنى فعل أولياؤنا ، ومن ذلك قيل : فتح عمر السواد وجبا الخراج وان لم يتول ذلك بنفسه.
الثاني : الا ليحصل المعلوم موجودا ، فقيل على هذا : الا لنعلم ، لأنه قبل وجود المعلوم لا يصح وصفه بأنه عالم بوجوده.
الثالث : الا لنعاملكم معاملة المختبر الممتحن الذي كأنه لا يعلم أن العدل يوجب ذلك من حيث لو عاملهم بما يعلم أنه يكون منهم كان ظلما لهم.
ونظير (٢) ذلك : قول القائل لمن أنكر أن تكون النار تحرق الحطب : فلتحضر النار والحطب لنعلم أتحرقه أم لا؟ على جهة الانصاف في الخطاب ، لا على جهة
__________________
(١). سورة المائدة : ٤.
(٢). في التبيان : ويظهر.