فان قيل : لم قال (أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ) وقد كانوا يعلمونه وكتموه ، وانما ظاهر هذا الخطاب لمن لا يعلم.
قلنا : من قال : انهم كانوا على ظن وتوهم ، فوجه الكلام على قوله واضح. ومن قال : كانوا يعلمون ذلك ، وانما كانوا يجحدونه ، يقول : معناه ان منزلتكم منزلة المعترض على ما يعلم أن الله أخبر به ، فما ينفعه ذلك مع إقراره بأن الله أعلم منه ، وأنه لا يخفى عليه شيء ، لان ما دل على أنه أعلم هو الدال على أنه لا يخفى عليه شيء ، وهو أنه عالم لنفسه ويعلم جميع المعلومات.
والشهادة التي كتموها قيل فيها قولان :
أحدهما : قال مجاهد والربيع وابن أبي نجيح : انهم كتموا الشهادة ، بأنهم كانوا على الإسلام.
والثاني : قال الحسن وقتادة وابن زيد واختاره الجبائي : انهم كتموا الشهادة بالبشارة التي عندهم بالنبي عليهالسلام.
فصل : قوله (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) الاية : ١٤١.
المعنى بقوله (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) على قول قتادة والربيع ، ابراهيم ومن ذكر معه. وعلى قول الجبائي وغيره من سلف من آبائهم الذين كانوا على ملتهم اليهودية والنصرانية.
وقد بينا فيما مضى أن الامة الجماعة التي تؤم جهة واحدة ، كأمة النبي محمد صلىاللهعليهوآله التي تؤم العمل على ما دعا اليه ، وكذلك أمم سائر الأنبياء صلوات الله عليهم.
والخلاء : الفراغ. والكسب الفعل الذي يجر فاعله به نفعا ، أو يدفع به ضررا.