والاول أقوى ، لإجماع الامة على أنها إذا حصلت على ذلك الوجه أسقطت العقاب ، وإذا حصلت على الوجه الثاني ، ففي سقوط العقاب عندنا خلاف.
فظاهر الاية تدل على أن الله يقبل التوبة من جميع المعاصي ، كفرا كان أو قتلا أو غيرهما من المعاصي ويقربه أيضا قوله «وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ ـ الى قوله : إِلَّا مَنْ تابَ» (١) فاستثنى من القتل ، كما استثنى من الزنا والشرك ، وحكي عن الحسن أنه قال : لا يقبل الله توبة القاتل ، وروي أنه انما قال ذلك لرجل كان عزم على قتل رجل على أن يتوب فيما بعد ، فأراد صده عن ذلك.
فصل : قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) الاية : ١٩.
اختلفوا في معنى ذلك ، فقال الزهري والجبائي وغيرهما وروي ذلك عن أبي جعفر عليهالسلام : هو أن يحبس الرجل المرأة عنده لا حاجة له اليها ، وينتظر موتها حتى يرثها ، فنهى الله تعالى عن ذلك.
وقال الحسن ومجاهد : معناه ما كان يعمله أهل الجاهلية من أن الرجل إذا مات وترك امرأته قال وليه : ورثت امرأته كما ورثت ماله ، فان شاء تزوجها بالصداق الاول ولا يعطيها شيئا ، وان شاء زوجها وأخذ صداقها. وروى ذلك أبو الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام.
والعضل هو التضييق بالمنع من التزويج ، وأصله الامتناع ، يقال عضلت الدجاجة بيضتها إذا عسرت عليها ، ومنه العضلة لصلابتها ومنه الداء العضال إذ لم يبرأ.
قوله (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) قيل : فيه قولان ، أحدهما : الزنا. والاخر النشوز. والاولى حمل الاية على كل معصية ، لان العموم يقتضي ذلك ، وهو المروي
__________________
(١). سورة الفرقان : ٦٨ ـ ٧٠.