مع أنه لم يشاهد أيّ أثر لمثل هذه الاختلافات» (١).
لكن هذا الكلام فيه ضعف ، لأنه أراد من خلاله أن يثبت أنّ هناك تغيرا واختلافا في كلام النبي ـ مع أنه لم يشاهد أيّ أثر لمثل هذه الاختلافات ـ مما يعني أنّ القرآن حيث لا تغيّر فيه فهو من كلام الله تعالى ، فحاول أن يقرّر أن الإنسان تؤثر فيه العوامل والظروف الاجتماعية من أنّ هذا لم يؤثر في النبي وإلّا لوجدنا اضطرابا في حديثه ، فهذا الكلام ما هو إلّا اضطراب في اضطراب لأنّ قياس الإنسان العادي على محمد قياس مع الفارق ، مضافا إلى أنه ليس في كلمات محمد أي تغيّر أو اختلاف ، فقياس كلام النبي على مورد الآية غير صحيح ، وذلك لأنّ مراد قوله تعالى في الآية : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) هو الاختلاف من حيث تراكيب الجمل وصياغتها ، لا من حيث اضطرابها وتضارب بعضها مع بعض وما شابه ذلك.
إذن قياس النبي على غيره من سائر البشر الذين تؤثّر فيهم العوامل الطبيعية ولوازمها ، قياس مع الفارق ، فكان الأولى ألّا يضرب به المثل لأنه غير خاضع للمتغيرات مهما كان نوعها وشكلها.
فكما أنّ القرآن متناسقة آياته كذا كلمات النبي والعترة متناسقة يصدّق بعضها بعضا إلّا أنّ الجوهر مختلف فلا يقاس على كلام الله كلام أحد من البشر على الإطلاق.
فتناسق آيات الكتاب وعدم الاضطراب في معانيها وتراكيبها وغير ذلك ، كل هذا يشهد على صدق كونه معجزة السماء النازلة على قلب نبيه الأكرم محمد بن عبد اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما أثاره بعض المشككين في بلاغة القرآن ، مردود جملة وتفصيلا وما هو إلا كبيت نسجته العنكبوت ، من هذه التشكيكات :
الشبهة الأولى :
إنّ في القرآن أمورا تنافي البلاغة لأنها تخالف القواعد العربية ، ومثل هذا لا يكون معجزا.
أجاب المحقق الخوئي (قدسسره) :
هذا القول باطل من وجهين :
__________________
(١) دروس في العقيدة : ص ١٢٧ محمّد تقي مصباح.