بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا شريعته المنسوخة بشريعة من يأتي بعده.
الآية الثانية : قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان / ٢).
مفاد الآية المباركة أنّ الغاية من تنزيل الفرقان على عبده محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هي كون القرآن نذيرا للعالمين أي الخلائق كلها من بدء نزوله إلى يوم يبعثون.
وكلمة «العالمين» اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين ، وقيل كل ما علم به الخالق من الأجسام والأعراض (١) ، وعلى أي تقدير سواء أكان المراد من العالمين جميع المخلوقات التي يحويها الفلك من الجواهر والأعراض ، أم كان المراد الإنس والجن فالمراد منه في الآية بقرينة كونه «نذيرا» خصوص الإنسان أو مطلق من يعقل ، فالآية صريحة في أنّ إنذاره لا يختص بناس دون ناس أو بزمان دون زمان ، فهو على إطلاقه يعطي كونه نذيرا للإنس والجن بلا قيد ولا حدّ.
وهناك آيات أخر تثبت عمومية دعوة نبي الإسلام لكل المكلّفين كقوله تعالى :
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (سبأ / ٢٩).
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (الأعراف / ١٥٩).
إنّ ملاحظة سعة مفهوم «العالمين» و «الناس» و «كافة» تؤيد هذا المعنى أيضا ، إضافة إلى إجماع المسلمين على ذلك ، وكون المسألة من ضروريات الدين عندهم ، والروايات الكثيرة الواردة عن النبي والعترة الطاهرة توضّح هذا المطلب ، نذكر بعضا منها على سبيل المثال :
١ ـ ما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث المشهور قال :
«أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة ألا وقد بيّنهما الله عزوجل في الكتاب وبيّنتهما في سيرتي وسنتي» (٢).
وورد بلفظ آخر أيضا قال أبو عبد الله عليهالسلام :
«حلال محمّد حلال أبدا إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة
__________________
(١) تفسير الكشّاف : ج ١ ص ٢٠ ط. دار الكتب العلمية.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢ ص ٢٦٠ ح ١٧.