فيمن أحب ، أما إني إياك آمر ، وإياك أنهى ، وإياك أعاقب ، وإياك أثيب (١).
إشكال وحل :
مفاده : قد ورد في الخبر الثامن أنه سبحانه خاطب العقل بالإقبال والإدبار فكيف يصح خطاب الجماد بهما؟
يجاب عنه :
أولا : إنّ المراد من الخطاب فعله تعالى وإرادته لتحقق الشيء خارجا قال تعالى : (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران / ٤٨) كما أن المفهوم الخطاب الإلهي نظيرا في الكتاب العزيز عند ما أوجد سبحانه السماء والأرض بقوله :
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (فصلت / ١٢).
وقوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران / ٦٠).
وبهذا يكون أمره تعالى بالإقبال والإدبار الواردين في الحديث المستفيض أمرا حقيقيا تكوينيا لموجود عنده شعور وإرادة تماما كتسبيح الكائنات لله تعالى الصادر عنهم عن علم وإرادة كما يرمز إليه قوله تعالى :
(... وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (الإسراء / ٤٥) فقوله : (لا تَفْقَهُونَ) إشارة إلى كون التسبيح عن شعور وإرادة وعلم لا بلسان الحال.
ومنه قوله تعالى يوم الطامة :
(وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (فصلت / ٢١).
ولربّ قائل يقول :
لو كان غير الإنسان والحيوان كالجماد والنبات مثلا ذا شعور وإرادة لبانت
__________________
(١) الكافي الشريف : ج ١ ص ١٠ ح ١.