العقلية (١) إلى خمسة أقسام :
الأول : ما هو خير كله لا شرّ فيه أصلا.
الثاني : ما فيه خير كثير مع شرّ قليل.
الثالث : ما فيه شرّ كثير مع خير قليل.
الرابع : ما يتساوى فيه الخير والشر.
الخامس : ما هو شرّ مطلق لا خير فيه.
والأقسام الثلاثة الأخيرة غير موجودة في العالم أصلا ، إنما الموجود من الخمسة المذكورة هو قسمان :
فالقسم الأول : الذي كله خير مطلق لا شرّ فيه أصلا هي أمور وقعت تامة الوجود ، لا يفوتها شيء مما ينبغي أن يكون لها بالإمكان العام إلّا وقد حصل لها في فطرتها الأصلية الأولية ولا يخالطها ما لا ينبغي لها لا في أول الوجود ولا بعده لأنها بالفعل من جميع الوجوه وهي كالعقول المقدّسة وكلمات الله التامّات التي لا تبيد ولا تنقص ويتلوها من حزبها النفوس السماوية فإنها وإن كان فيها ما بالقوة إلّا أنها مستكفية بذاتها ، ومقوم ذاتها في خروجها من القوة إلى الفعل غير ممنوعة عن البلوغ من حدّ النقص إلى الكمال الممكن ، وكذلك ضرب من النفوس الكاملة الإنسانية إذا لحقت بالسابقين المقربين فيه أيضا من هذا القسم فيجب وجود هذا القسم من المبدأ الأعلى لأجل كونه خيرا محضا يفعل الخير لا محالة وقد علم في الحكمة وجود العالم العقلي ، ومن قاعدة [مكان الاشراف والأخس] وجود الأشرف قبل وجود الأخسّ.
والقسم الثاني : وهو الذي فيه خير كثير يلزمه شر قليل فيجب وجود هذا القسم أيضا منه لأنّ تركه لأجل شرّه القليل ترك الخير الكثير ، وترك الخير الكثير شرّ كثير فلم يجز تركه ، فيجب إيجاده عن فاعل الخيرات ومبدأ الكمالات ، ومثال هذا القسم الموجودات الطبيعية التي لا يمكن وجودها على كمالها اللائق بها إلّا وقد يعرض لها بحسب المصادمات والمصّاكات الاتفاقية منع غيرها عن كمالاتها أو محق الكمالات عن غيرها كالنار التي كمالها في قوة الحرارة والإحراق ، وبها
__________________
(١) ينسب هذا التقسيم إلى أرسطو وقد ذكره صدر المتألهين في أسفاره : مجلد ٣ ص ٦٨ وأخذ به العلّامة الطباطبائي في تفسيره : ج ١٣ ص ١٨٨ فلاحظ.