ب : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً). (١)
كذلك هذه الآية تشير وبوضوح إلى أنّ صلة القرابة النسبية والسببية من الأُمور التي ولدت مع الإنسان وعجنت في فطرته وخلقته ، ولذلك نجد الآية الكريمة بعد أن أشارت إلى خلق الإنسان بجملة (خَلَقَ) عطفت مسألة النسب والقرابة والمصاهرة على خلق الإنسان ، فقال سبحانه : (فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) إذن ما دامت صلة القرابة والنسب والمصاهرة ، قد أخذت في خلق الإنسان ووجوده ، فلازم ذلك انّ حتمية الحياة الاجتماعية قد لوحظت هي الأُخرى ، وذلك لأنّ العلاقات والأواصر السببية والنسبية سبب للترابط بين الأفراد ، ولا ريب انّ هذا بعينه هو مفهوم الحياة الاجتماعية لا غير.
وبالنتيجة اتّضح جليّاً انّ الحياة الاجتماعية للإنسان هي الغاية والهدف من خلقه ، وانّ ذلك النوع من الحياة لا يمكن أن يكون وليد عامل آخر غير عامل الخلق والفطرة ، فلا عامل الاضطرار والجبر الخارجي ، ولا عامل النفع والخسارة هو الدخيل في تشكيل الحياة الاجتماعية للإنسان ، بل العامل الأساسي هو العامل الداخلي الفطري الذي خلق مع الإنسان ، وهو الذي يسوقه إلى مثل هذا النمط من الحياة. (٢)
__________________
(١). الفرقان : ٥٤.
(٢). منشور جاويد : ١ / ٣١٥ ـ ٣١٨ و ٣٢٢.