كذلك الأمر بالنسبة للإسلام الذي هو دين الفطرة والذي تقوم أحكامه على أساس التناسق بين قانون الخلقة والفطرة ، يرى أنّ «الجهاد» وفي بعض الظروف والمتغيّرات أمرٌ واجب يلزم المسلمين القيام به والنهوض بأمره.
إذا اتّضح ذلك فلا بدّ من البحث عن مسألة أُخرى ، وهي معرفة الغاية والهدف الذي يتوخّاه الإسلام من خلال تشريع الجهاد.
ما هي فلسفة الجهاد؟ وما هو الهدف منه؟
أوّل الآيات التي وردت في تشريع حكم الجهاد هي الآيات الأربعة التي وردت في سورة الحج ، وانّ الإمعان والدقّة في مفاد تلك الآيات يرشدنا إلى أنّ الهدف الحقيقي من وراء تشريع الجهاد هو الدفاع عن النفوس والأموال.
لا ريب أنّ المسلمين عاشوا في مكة تحت ظروف قاهرة حيث تعرضوا إلى أنواع الضرب والتعذيب والتنكيل من قبل خصومهم المشركين ، وكذلك تجاوز المشركون على أرواحهم وأموالهم ، ثمّ اضطرارهم للهجرة والنزوح وترك الأهل والأوطان والعيش في بلاد الغربة بعيداً عن الأحبة والأصدقاء ، فلمّا استقر المسلمون في المدينة وتشكّل المجتمع الإسلامي الذي يمتلك الوسائل الكافية للدفاع عن نفسه وعن حقوقه المهدورة ، في تلك الأثناء صدر الأمر الإلهي للمسلمين في القيام بالمطالبة واسترداد حقّهم الضائع ، ومواجهة العدو في ميادين الوغى وساحات القتال ، ولا ريب أنّ هذا الأمر من الحقوق الطبيعية للأُمّة الإسلامية التي لا يشك فيها منصف أبداً ، والآيات التي وردت في هذا الصدد هي قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ).