(... وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) (١). (٢)
وكأنّ المتكلّمين المسلمين قد استلهموا من هذه الآيات المباركة الأمر واطّلعوا على حكم العقل من خلالها ، واستدلّوا على ذلك بأصل الحكمة ووجوب الوفاء بالوعد كما يقول المحقّق الطوسي في هذا الصدد :
«وَوُجوبُ ايفاءِ الْوَعْدِ وَالحِكْمَة يَقْتضي وُجُوب الْبَعْث». (٣)
٤. المعاد مظهر الرحمة الإلهية
من النكات المهمة والتي أولاها القرآن أهمية خاصة انّه ركّز على العلاقة بين المعاد وبين الرحمة الإلهية ، واعتبر انّ المعاد غصن من شجرة الرحمة الإلهية ، وأكّدت الآيات القرآنية على النظرة الرحمانية التي ألزم الحقّ تعالى بها نفسه والتي ينظر فيها إلى عباده من نافذة الرحمة، لذلك حشرهم يوم القيامة قال سبحانه :
(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٤)
وهنا يطرح التساؤل التالي نفسه : كيف يا ترى يكون المعاد مظهراً للرحمة الإلهية والحال انّ في ذلك اليوم تعيش طائفة كبيرة من الناس العذاب الإلهي الشديد؟! وهل يمكن أن يكون العذاب الأليم والجحيم وكون بعضهم في الدرك الأسفل من النار مظهراً للرحمة الإلهية؟
__________________
(١). آل عمران : ١٩٤.
(٢). انظر ؛ الفرقان : الآية ١٦ ، التوبة : ١١١ ، مريم : ٦١ ، الزمر : ٢٠.
(٣). كشف المراد : المقصد السادس ، المسألة الرابعة.
(٤). الأنعام : ١٢.