٤. التناسخ الصعودي
كما ذكرنا أنّ التناسخ الصعودي هو عبارة عن : تكامل النفس من خلال الانتقال عبر القنوات النباتية ثمّ الحيوانية ثمّ الإنسانية بنحو يكون بينها فصل حقيقي ، باعتبار أنّ النبات أكثر استعداداً لقبول الحياة من الإنسان ، والإنسان أجدر من باقي الأنواع ، فلا بدّ أن تتعلّق النفس النباتية بالنباتات وبعد طي مدارج معينة تنتقل إلى بدن الإنسان.
ويثار حول هذه النظرية التساؤل التالي : كيف يمكن أن نتصوّر ذلك من الناحية الواقعية ، لأنّ النفس إمّا أن تكون صورة منطبعة في النبات أو الحيوان أو الإنسان ، أو تكون أمراً مجرداً.
فعلى الأوّل تكون للنفس هناك حالات ثلاث :
١. وجودها منطبعة في الموضوع الأوّل.
٢. وجودها منطبعة في الموضوع المتأخّر.
٣. حالة الانتقال من الأوّل إلى الثاني.
والإشكال يرد على الحالة الثالثة ، وذلك لقيام العرض بلا موضوع.
وأمّا إذا كانت النفس موجوداً مجرداً غير قائم بالبدن وإنّما تحتاج إليه في مقام الفعل والعمل فقط ، فيرد على هذه الصورة بنحو آخر وهو : كيف يمكن أن تتعلّق النفس الحيوانية في حدّها الحيواني بالبدن الإنساني ، لأنّ كمال النفس الحيوانية يكمن في كونها ذات قوة شهوية وغضبية غير معدلة ولا محددة ، وعدم التعديل والمحدودية يُعدُّ في الواقع كمالاً من نفس الحيوانية ، لأنّ كمالها يكمن في شهوتها وغضبها ، فإذا فقدت النفس الحيوانية هاتين القوتين فإنّها في الحقيقة تفقد قوتها الحقيقية وتفقد حيوانيتها وكمالها.