الخفي ، وكلّ ما ألقيته إلى غيرك». (١)
وبالأخذ بعين الاعتبار ، الكلمات التي نقلناها من كبار أصحاب الاختصاص من اللغويين العرب ، يمكن القول حينئذٍ : إنّ الوحي هو ذلك الإلقاء إلى الغير الذي يكمن فيه عنصران : الأوّل : الخفاء ، والثاني : السرعة. وإذا ما أُطلق على الارتباط بين النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وبين الله سبحانه وعلى عملية تلقّي الأحكام والتعاليم الإلهية مصطلح «الوحي» فإنّ هذا الإطلاق في الواقع ينطلق من هذه الحيثية ، وذلك باعتبار أنّ ذلك نوع من التعليم غير الاعتيادي الخفي المقترن بالسرعة.
والذي يظهر من الشيخ المفيد قدسسره أنّ المقوّم لإطلاق الوحي والعنصر اللازم له هو «الخفاء في التعليم» حيث ذهب إلى أنّ الوحي هو الإعلام بخفاء ، بطريق من الطرق. (٢)
والحال انّ عنصر السرعة أيضاً يعدّ من مقوّمات الوحي بالإضافة إلى الخفاء.
بعد أن تعرّفنا على المعنى اللغوي لمصطلح «الوحي» ننتقل إلى الحديث عن تحليل وتحقيق المراد من الوحي في القرآن الكريم ، وهنا يمكن الإشارة إلى مجموعة من المعاني التي استخدم فيها هذا المصطلح ، ومنها :
الف : الإدراك الغريزي
لقد كشفت العلوم الحديثة كعلم الأحياء ـ وخاصة في مجال دراسة
__________________
(١). لسان العرب : ١٥ / ٣٧٩.
(٢). انظر تصحيح الاعتقاد : ١٢٠ ، فصل في كيفية نزول الوحي.