مقارنة مضامين الروايات والآيات
بعد أن تعرّضنا لذكر الروايات الواردة في هذا المجال وتعرّفنا على مضامينها يجدر بنا أن نقارن بين مضامينها والمضامين الواردة في الآيات.
لا ريب أنّه لا توجد منافاة في القسم الأوّل (موقع الأعراف) بين مضامين الآيات والروايات ، وذلك لأنّ المستفاد من الآيات هو وجود حائل وواسطة بين الجنة والنار لا أكثر أُطلق عليه لفظ الأعراف ، وأمّا الروايات فقد تصدّت لتوضيح ذلك الحائل بأنّه المكان المرتفع أو أنّه الصراط الذي يقع بين الجنة والنار.
كذلك لا منافاة في القسم الثاني (مَن هم أصحاب الأعراف) على القول بأنّهم الأئمّة المعصومون عليهمالسلام ، وذلك لأنّ الآيات في الواقع لم تتعرض لذكر المصاديق لرجال الأعراف ، وإنّما اكتفت بذكر بعض خصائصهم كقوله تعالى : (يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَ ...) وأمّا الروايات فقد تعرضت لذكر المصاديق ، أو على الأقل ذكرت المصداق الأكمل لرجال الأعراف.
وأمّا الطائفتان الثانية والثالثة من الروايات ، أعني : رواية علي بن إبراهيم ورواية العياشي فكلاهما في الحقيقة تشيران إلى واقعية وحقيقة واحدة ، لأنّه ليس من المستبعد انّ المقصود من : «الذين تتساوى حسناتهم وسيّئاتهم» ـ كما ورد في رواية العياشي هم المؤمنون العاصون من الشيعة الذين ورد ذكرهم في رواية علي بن إبراهيم.
نعم انّ هذا التفسير لا ينسجم مع ما استفدناه من ظاهر سياق الآيات ، لأنّه ووفقاً للبحث السابق حملنا قوله تعالى : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) وقوله تعالى : (إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ ...) على أصحاب الجنة الذين يقفون على حدود وأطراف الجنة ولم يدخلوها فعلاً ، ولا علاقة لهاتين الجملتين بأصحاب الأعراف.