الذي يترتّب على إحياء الأرض هو نمو النباتات ، أي ظهور استعداداتها وتحوّل قدراتها من مرحلة القوّة إلى الفعلية وتظهر ما كمن فيها من كمالات ، فكما أنّ الأزهار الجميلة والفواكه اللذيذة تظهر من خلال حركة الأرض وقيامها ، كذلك تظهر الأشواك والثمار المرّة حقيقتها من خلال تلك الحركة أيضاً ، ولا ريب أنّ الجميع من مظاهر وآثار الرحمة الإلهية الواسعة ، كذلك الأمر في مسألة إحياء الموتى ، فإنّ «الإحياء» مقتضى الرحمة الإلهية وتجسّم الأعمال والثواب والعقاب ، من ملازماته التي لا تنفك عنه.
فالآيتان إذاً تشيران إلى حقيقة واحدة.
٥. المعاد نهاية السير التكاملي للإنسان
حينما تعرض الحكماء لذكر تعريف «الحركة» ذكروا أنّ «الحركة» تتوقّف على أُمور ستة ، السادس منها «العلّة الغائيّة» ، وأنّ هدفهم من إثبات تلك الواقعية للحركة ينبع من تصوّر مفهوم الحركة ، وذلك لأنّ السعي والجهد يمثّلان حقيقة الحركة ، وانّه تكمن في ماهية السعي والجهد الحقيقة التالية ، وهي : انّ الساعي يحاول الحصول على الشيء الذي يفتقده ، ولا فرق هنا بين الحركات الطبيعية أو الإرادية.
وعلى هذا الأساس يكون الإنسان ومنذ الأيام الأُولى لحياته يعيش حالة «اللّاثبات» و «اللّااستقرار» وأنّه يخضع في كلّ لحظة إلى ظروف وشروط خاصة تسوقه نحو الكمال فيعيش ديمومة من الحركة يفتقد فيها حالة سابقة ويحصل على حالة جديدة ، فالخلية الإنسانية حينما تستقر في الرحم لم تزل متحركة ومنتقلة من حالة إلى أُخرى ومن طور إلى آخر ، من «علقة» إلى «مضغة» إلى ... حتى يتم إنساناً سوياً يفعل العجائب والغرائب ويقوم بالأعمال الجسام التي تعجز