وهنا بحث آخر ينبغي الالتفات إليه وهو أنّ الآية السالفة الذكر قد أثبتت الشهادة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث جاء فيها : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) ، وحينئذٍ يقع البحث في المقصود من قوله : (عَلى هؤُلاءِ) ، هل هم الأنبياء أم أُممهم؟
يوجد احتمالان ذكر المرحوم الطبرسي الاحتمال الأوّل منهما ولم يتعرض لذكر الاحتمال الثاني ، ويمكن القول بقرينة كلمة (هؤُلاءِ) في قوله تعالى : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) انّ المراد هو أُمّة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٣. نبي الإسلام
لقد أوضحت الآيات السابقة انّ النبي الأكرم شاهد على أعمال أُمّته وما يصدر منهم ، ولكن هناك آيات تشير إلى هذا المعنى بصورة صريحة وواضحة ، ولذلك حاولنا أن نفردها في البحث هنا.
فلقد وصفت بعض الآيات الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه شاهد ومبشر ، قال تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً ...). (١)
فمن الممكن أن يكون المقصود من الشاهد هنا هو الشهادة على أعمال عباده يوم القيامة.
وفي آية أُخرى يقول سبحانه :
(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ ...). (٢)
ومع الأخذ بعين الاعتبار انّ الشهادة فرع التحمّل والشهود ـ أي انّ الشهادة تتم بعد علم الشاهد بالواقعة أو الحادثة ـ ندرك أنّ الآية المباركة دليل واضح على
__________________
(١). الأحزاب : ٤٥ ، الفتح : ٨.
(٢). المزمل : ١٥.