فهذه الآية تشير إلى الأُسلوب الذي كانت تعتمده تلك الطائفة وكيف أنّها كانت تستهزئ بالرسل وتحقّرهم لقلّة أنصارهم ، فتؤكّد الآية انّ هذه الطائفة المنحرفة حينما يشاهدون العذاب بأعينهم حينئذٍ تنجلي لهم الحقيقة ويدركون جيداً من الضعيف الذي لا ناصر له ، هل هم ، أم الأنبياء؟! وحينئذٍ سيقفون على شناعة الخطأ الذي وقعوا فيه.
ومع الالتفات إلى هذين الأمرين يتّضح لنا أنّ المقصود من العصاة هنا هم الكافرون ومن العصيان هو الكفر.
٤. الظالمون
قال تعالى : (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ). (١)
وإذا صرفنا النظر عن سياق الآية نجد انّها توعد الظالمين بصورة مطلقة بالنار ، ويكون لها ـ حينئذ ـ معنى واسع وشامل بحيث تشمل كلّ من اقترف ظلماً حتّى لو كان مسلماً مؤمناً بالله واليوم الآخر ، وكذلك تشمل مرتكب الكبيرة ، ومن تمرّد على القوانين الإلهية ، لأنّه وممّا لا ريب فيه انّ تلك الأعمال من مصاديق الظلم. ولكن الإمعان في سياق الآية والقرائن الحافّة بها يوضّح لنا وبجلاء انّ الآية بصدد الحديث عن المنكرين ليوم القيامة والمكذّبين بها.
ومن تلك القرائن قوله تعالى :
(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ). (٢)
وقوله سبحانه :
__________________
(١). يونس : ٥٢.
(٢). يونس : ٤٨.