صنف قد بلغ من الحكمة العملية والنظرية مرتبة لا تعود النفس حينها إلى هذه النشأة بعد خروجها من البدن ، بل تلتحق بعالم المجردات والمفارقات ، ولا مبرر لرجوعها للدنيا مرّة أُخرى ، وذلك لأنّها قد بلغت الكمال المطلوب منها.
وأمّا الصنف الآخر فهو الصنف الذي لم يبلغ من ذلك الكمال العلمي والعملي إلّا رتبة واطئة ومنزلة متدنّية ، ولم يتسنّ لتلك النفوس أن تتطهّر التطهّر الكامل من الدنس والرذائل ، ولذلك اقتضت الحاجة أن تعود تلك النفوس إلى النشأة الأُولى لغرض بلوغها الكمال المطلوب من التناسخ والتقمّص حتّى تصل النفس إلى كمالها المطلوب ، فإذا وصلت إليه انقطعت حالة التناسخ والتحقت النفس بالمجرّدات.
ومن الواضح أنّ هذا النوع من التناسخ ينطوي على نوعين من المحدودية ، هما :
١. المحدودية من جهة الأفراد ، وذلك باعتبار أنّ هذا النوع من التناسخ هو من نصيب الإنسان غير الكامل ، وأمّا الإنسان الكامل فإنّه لا يبتلي بهذا المصير ولا حاجة له إليه.
٢. المحدودية الثانية من جهة الزمان ، بمعنى أنّ هذه المجموعة من الناس الذين عادوا إلى الحياة الدنيا وتعلّقوا بأبدان أُخرى لن يستمر التناسخ عندهم ، بل سيقف عند بلوغ النفس المستنسخة الكمال المطلوب في العلم والعمل.
التناسخ الصعودي
إنّ هذه النظرية تقوم على ركيزتين ، هما :
ألف : انّ النبات من بين الأجسام أكثر استعداداً من غيره من الأجسام لكسب فيض الحياة.