هذا الفيض أبداً.
فالهداية العامّة تتلخّص في نوعين من الهداية ، هما :
الف : الهداية العامة التكوينية
والمقصود هنا انّ الله سبحانه خلق جميع الموجودات وبيّن لكلّ مخلوق مهمته والوظائف التي ينبغي عليه القيام بها والمسئوليات التي لا بدّ من تحمّلها. يقول سبحانه في هذا الخصوص :
(... رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى). (١)
ومن الواضح أنّ في هذا النوع من الهداية لا يوجد أدنى استثناء وتمييز وتفاضل ، بل حتّى الأفعال التي تنطلق من الحالة الغريزية لبعض الحيوانات والأعمال المنظمة والموزونة التي تصدر منها معلولة لذلك النوع من الهداية ، فضلاً عن الهداية الفطرية للإنسان ، ففطرة كلّ إنسان تهديه إلى التوحيد ونبذ الشرك ، وكذلك العقل الموهوب له المرشد إلى معالم الخير والصلاح.
ب : الهداية العامة التشريعية
إنّ المراد من الهداية التكوينية هو ذلك النوع من الإرشاد والهداية التي تنبع من داخل الإنسان وكيانه ، وأمّا الهداية التشريعية فهي الهداية التي ترد على الإنسان من الخارج والتي تأخذ بيده في مواطن الخطر وترشده إلى ساحل الأمان وتوصله إلى ما يريده بيسر وطمأنينة ، وفي هذا النوع من الهداية ـ لا يوجد أدنى تمييز وتفاضل ـ حالها حال الهداية التكوينية كما قلنا ـ حيث توفر السماء للإنسان
__________________
(١). طه : ٥٠.