جميع مشاكله ويوفر لنفسه جميع متطلّبات ومستلزمات الحياة فانّه لا يخضع أبداً لحياة المجتمع ولا ينضوي تحت أي وجود اجتماعي ، وانّه لا يوثق نفسه بوثاق وقيود المجتمع وقوانينه ومقرراته؟
أو انّ ذلك وليد مجموعة من الحسابات العقلية الدقيقة للنفع والخسارة ، لأنّه رأى من خلال تلك الحسابات انّه لا يمكنه أن يعيش عيشة هانئة وبرفاهية وبعيداً عن كلّ المتاعب والمشاكل إلّا إذا انضوى تحت خيمة المجتمع؟ وكذلك أدرك ـ وفقاً لتلك الحسابات ـ انّه ليس بإمكانه ومقدوره السيطرة على جميع القوى الطبيعية والاستفادة منها على أكمل وجه من دون العيش الجماعي ، وإن كان أصل الحياة البسيطة لم يتوقف على المجتمع؟
هذه ثلاث نظريات طرحت في هذا المجال ، فوفقاً للنظرية الأُولى هناك عامل داخلي يسوق الإنسان نحو الحياة الاجتماعية حالها حال الحياة الزوجية ـ بين الرجل والمرأة ـ النابعة من فطرة الإنسان وجبلته التي تسوقه إلى تشكيل مجتمع مصغّر يتمثّل في الحياة الأُسرية ، بحيث تُعد حالة العزوبة والانفراد لكلّ من الذكر والأُنثى بمنزلة فقد عضو من أعضاء البدن الذي لا بدّ من إعادته إلى مكانه بأسرع وقت.
وأمّا إذا قلنا بالنظرية الثانية ـ نظرية الاضطرار للحياة الاجتماعية ـ فحينئذٍ يكون مثل الإنسان فيها مثل المجموعة التي تضل الطريق في الصحراء ويشتدّ بها العطش ممّا يضطرها للقيام وبصورة مجتمعة بحفر بئر للوصول إلى الماء ، حيث يشترك الجميع في عملية الحفر هذه لغرض إنقاذ أنفسهم من خطر الموت عطشاً.
وأمّا إذا اعتمدنا النظرية الثالثة ـ الحسابات العقلية لمقدار النفع والخسارة ـ فحينئذٍ يكون مثل الإنسان مثل التاجرين اللّذين يشتركان في معاملة واحدة لتدرّ