قلنا : لو كان قوله : (كُنْ) مخصصا ؛ لكان صدور ذلك عنا مخصصا ؛ ضرورة اتحاد الحقيقة. وأن ما ثبت للذات لا ينفك عنها. والآية فغايتها الدلالة على أن أمره بالكون عند الإرادة قوله (كُنْ) ؛ وليس في ذلك ما يدل على كونه مخصصا.
وما ذكروه من الوجه الأول والثانى في الحجة الأولى : فقد سبق الجواب عنه في مسألة القدرة (١).
قولهم في الوجه الثالث : تعلق الإرادة بالحادث : إما قديم ، أو حادث.
قلنا : هذا إنما يلزم أن لو كان تعلق الإرادة بالحادث أمرا يزيد على تخصصه بالإرادة ؛ وليس كذلك ؛ فإنه لا معنى لتعلق الإرادة بالحادث غير تخصصه بها.
وعلى هذا فالإشكال يكون مندفعا ، وبتقدير أن يكون التعلق زائدا على التخصيص ؛ وهو قديم. فلا نسلم أنه يلزم من ذلك قدم التخصيص ؛ إذ (٢) لا مانع (٢) من أن تكون الإرادة في القدم مقتضية لتخصيص الحادث في وقت حدوثه ؛ وهو المعنى بقدم التعلق.
كيف وأن هذا الإشكال بعينه لازم على القائل بكون المخصص ، مخصصا بذاته ، لا بصفة زائدة على ذاته ، أو بصفة زائدة غير الإرادة ، فما هو جوابه ؛ هو جواب لنا.
قولهم في الحجة الثانية : إذا كان البارى ـ تعالى ـ عالما بحدوث الحادث في وقت حدوثه ؛ فلا حاجة إلى الإرادة كما قرروه.
فقد سبق جوابه في مسألة القدرة (٣).
قولهم في الحجة الثالثة : إما أن تكون قدرته متعلقة بإيجاد الحادث ، أو لا؟
قلنا : متعلقة بإيجاده مرادا ، لا غير مراد.
وعلى هذا : فلا يستغنى عن الإرادة.
قولهم في الحجة الرابعة : أنه لو كانت الإرادة متقدمة (٤) على الحادث كانت عزما.
فقد سبق جوابه أيضا في مسألة القدرة (٥).
__________________
(١) انظر ل ٦٢ / أ.
(٢) فى ب (إذ المانع).
(٣) انظر ل ٦٢ / أ.
(٤) فى ب (متعلقة).
(٥) انظر ل ٦٢ / أ.