وإلا كان حال من اتصف بها في الشاهد أنقص من حال من لم يتصف بها ؛ إن كان عدمها في نفس الأمر كمالا ، أو مساويا لحال من لم يتصف بها ؛ إن لم يكن عدمها في نفس الأمر كمالا. وهو خلاف ما نعلمه بالضرورة في الشاهد ؛ فلم يبق إلا القسم الأول ـ وهو أنها في نفسها ، وذاتها كمال ـ وعند ذلك فلو قدر عدم اتصاف البارى تعالى بها ؛ لكان ناقصا بالنسبة إلى من اتصف بها من مخلوقاته تعالى ؛ ومحال أن يكون الخالق أنقص من المخلوق.
فإن قيل : لا نقول بأنها صفة كمال على الإطلاق ، ولا أنها غير كمال على الإطلاق ؛ بل صفة كمال بالنظر إلى الشاهد ، ولا كمال بالنظر إلى الغائب.
وعند ذلك فلا يلزم منه أن يكون حال من اتصف بها في الشاهد مساويا لحال من لم يتصف بها ، أو (١) أنقص ، ولا أن يكون (١) الخالق أنقص من (٢) مخلوقه (٢).
سلمنا دلالة ما ذكرتموه على وجوب اتصاف واجب الوجود بهذه الصفات ؛ لكنه منقوض بالشم ، والذوق ، واللمس ، وغير ذلك من كمالات الموجودات في الشاهد.
فإن ما ذكرتموه جار فيها مع أنها غير ثابتة لله تعالى.
سلمنا عدم الانتقاض ؛ ولكنه معارض بما يدل على أن هذه الصفات غير موجودة للرب تعالى ؛ وذلك لأن ما تثبتونه للرب من هذه الصفات : إما أن يكون من جنس ما في الشاهد ، أو لا من جنسه.
فإن كان الأول : فهو محال. وإلا لزم أن تكون صفاته مشاركة لصفات موجودات الشاهد في العرضية ، والإمكان ، وأن يكون البارى تعالى محلا للأعراض ؛ وهو ممتنع.
وإن كان الثانى : فهو غير معقول. وما ليس بمعقول لا يحكم عليه بكونه صفة فضلا [عن] (٣) كونه كمالا لغيره ، أو ليس كمالا له ، ولا أن يحكم على ما هو معقول بما حكم عليه ، ولا بالعكس.
__________________
(١) فى ب (وانقص ولا يكون).
(٢) فى ب (منه من المخلوق).
(٣) فى أ (من).