الشبهة السادسة عشرة : أنه وإن جاز إفضاء النظر إلى العلم بالمنظور فيه ، فما الّذي يؤمن أن يكون ما أفضى إليه النّظر جهلا ، أو شيئا آخر من الأمور العرضية؟ ولا سيما عند من يرى أنّ الجهل مماثل للعلم ، ومشارك له في أخصّ أوصافه ، كما سبق في قاعدة العلم (١).
والجواب عما ذكروه من الشبه من وجهين :
أحدهما عام ،
والآخر خاص بكل واحد واحد منها.
أما الجواب العام :
فهو أنّا نقول : ما ذكرتموه من الشّبه : إما أن تكون مفيدة (٢) لإبطال النظر (٢) ، أو غير مفيدة له.
فإن كان الأول : فقد أبطلتم النّظر بالنّظر ؛ وفيه ما يوجب صحّة بعض ضروب النظر. وإن كان الثانى : فقد استغنينا عن الجواب ؛ لعدم الفرق بين وجوده وعدمه.
فإن قيل : ما ذكرناه وإن كان فاسدا ، غير أن المقصود منه : معارضة ما ذكرتموه ، ومقابلة الفاسد بالفاسد.
قلنا : فهذه المعارضة إن أفادت شيئا ؛ فهى من جملة ضروب النظر ، وإن لم تفد شيئا ، فلا حاجة إلى جوابها.
الجواب الثانى : أنا نخصّ كل شبهة بجواب :
أما الشّبهة الأولى : فجوابها بلزوم كون المقدمات بديهيات ، أو مستندة إليها ، وما ذكروه فتشكيك على البديهيات ؛ / فلا يقبل.
__________________
(١) انظر ل ١٣ / أ.
(٢) في ب (مفيد الإبطال).