المسألة التاسعة
في أن الصفة هل هى نفس الوصف ، أو غيره (١)؟
وقد اختلف في ذلك :
فذهبت المعتزلة : إلى أن الصفة هى نفس الوصف. والوصف خبر المخبر عمن أخبر عنه بأمر ما كقوله : إنه عالم ، أو قادر ، أو أبيض ، أو أسود ، ونحوه ، وأنه لا مدلول للصفة ، والوصف إلا هذا.
واحتجوا على ذلك : بأنه لو خلق الله ـ تعالى ـ العلم ، والقدرة ، أو غير ذلك لبعض المخلوقين ؛ لم يصح تسميته باعتبار ذلك واصفا. ولو كان العلم والقدرة صفة ؛ لصح تسمية خالقه واصفا. كما يصح تسمية خالق الحركة محركا. ولو أخبر عنه أنه عالم ، أو قادر ، أو غير ذلك ؛ صح تسميته واصفا. والصفة يجب أن يكون ما يكون بها الواصف واصفا ، وليس على هذا النحو غير القول ، والإخبار.
وإذا ثبت أن الوصف هو القول ، والإخبار ؛ فالعرب تقول : الوصف والصفة بمعنى واحد : كالوجه والجهة ، والوعد والعدة ، والوزن والزنة.
وإذا كان الوصف / هو القول ؛ فالصفة هى القول ؛ لكونها في معناه.
وأما معتقد أهل الحق من الأشاعرة ، وغيرهم : فهو أن الوصف هو القول الدال على الصفة ، والصفة هى المعنى القائم بشيء ما : كالعلم ، والقدرة ، والإرادة ، ونحو ذلك.
وبيانه من أربعة أوجه :
الأول : ما اشتهر في لسان العرب أن الصفة النفسية منقسمة إلى : خلقية لازمة ، وغير خلقية ، وفسروا الخلقية بالسواد والبياض ؛ ونحوه. والغير خلقية : ما كان مكتسبا من العلوم وغيرها ؛ وهو دليل صحة إطلاق الصفة على المعنى.
الثانى : هو أن العقلاء متفقون على صحة إطلاق القول بأن العلم صفة فلان ، والجهل صفة فلان. وأن العدل ، والأفضال ، والإحسان (صفات) (٢) لله تعالى.
__________________
(١) انظر المقصد الأسنى للغزالى ص ١٢ وغاية المرام للآمدى ص ١٤٤.
(٢) فى أ (صفة).