الجواهر والأجسام ؛ إذ هي مشاركة له في هذا المعنى ، فإنها غير مفتقرة إلى المحل ، وإلا لزم التسلسل ، وكون الإرادة مشاركة للبارى ـ تعالى ـ فى عدم التحيز ، ومفارقته (١) للجواهر (١) فى ذلك مما لا يوجب إعادة حكمها إلى الله ـ تعالى ـ دون الجواهر بدليل أنفسنا ، وسائر الأعراض الغير (٢) متحيزة (٢).
وأيضا : فإنه لو جاز أن يكون مخصصا بمخصص موجود لا في ذاته ؛ لجاز أن يكون موجدا بقدرة ، قائمة لا في ذاته. وأن يكون عالما بعلم ، قائم لا في ذاته. كما صار إليه جهم (٣) ومتبعوه ، إلى غير ذلك من الصفات ، ولجاز أن يكون الواحد منا عالما. وقادرا ، بعلم قائم لا في ذاته ، وقدرة قائمة ، لا في ذاته ؛ ولم يقل به هذا القائل.
وبما ذكرناه هاهنا : يبطل القول بكون المخصص القائم لا في ذاته قديما أيضا. كيف وأنه مما لا قائل به؟
وإذا ثبت أنه لا بدّ وأن يكون مخصصا بصفة زائدة على ذاته ، وبطل كونها قائمة لا في ذاته ؛ تعين أن تكون صفة قائمة بذاته.
قولهم : ما المانع من كون المخصص القائم بذاته حادثا؟
قلنا : لما بيناه من لزوم التسلسل (٤). كيف : وإنا سنبين امتناع حلول الحوادث بذات الرب ـ تعالى ـ فيما بعد (٥)؟
قولهم : ما المانع من أن يكون المخصص كونه عالما بما اشتمل عليه الجائز من المصلحة؟
قلنا : لأنا سنبين في مسألة التجويز ، والتعديل (٦). أن رعاية الحكمة في فعله غير لازم ؛ فلا / يكون المخصص ما ذكروه من الداعى.
قولهم : ما المانع من كون المرجح قوله (كُنْ)؟
__________________
(١) فى ب (ومفارقة الجواهر).
(٢) فى ب (غير المتحيزة).
(٣) عن رأى جهم انظر الملل ص ٨٧ للشهرستانى.
(٤) انظر ل ٤١ / ب وما بعدها.
(٥) انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.
(٦) انظر ل ١٨٦ / أوما بعدها.