المسألة الثانية
في إثبات صفة القدرة لله تعالى
وقبل الخوض في ذلك بالنفى ، والإثبات ، لا بدّ من تحقيق معنى القدرة فنقول :
القدرة : عبارة عن صفة وجودية ، من شأنها تأتى (١) الإيجاد ، والإحداث بها على وجه يتصور ممن قامت به الفعل ، بدلا عن الترك ، والترك بدلا عن الفعل.
وهى منقسمة : إلى قديم ، وحادث.
أما القدرة الحادثة : فسيأتى الكلام فيها وفيما يتعلق بها فيما بعد (٢).
وأما القدرة القديمة : فقد احتج الأصحاب (٣) على ثبوتها لله تعالى بالنص ، والمعقول.
أما النص : فقوله ـ تعالى ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) (٤) وقوله ـ تعالى ـ واصفا لنفسه (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (٥) وقوله ـ تعالى ـ : (الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) (٦)
فإن قيل : الاستدلال بالنصوص على وصفه بالقدرة ؛ فرع إثبات صفة الكلام ، وهو غير ثابت بعد ؛ فلا يصح الاحتجاج / بها. وإن صحّ الاحتجاج بها ؛ إلّا أنّها متروكة الظّاهر ؛ فإنّ القوّة في الحقيقة : عبارة عن الصلابة المناقضة للخور ، والله ـ تعالى ـ يتقدس عن الاتصاف بذلك.
__________________
(١) فى ب (الإحداث والإيجاد).
(٢) انظر ل ٢٢٩ / أ.
(٣) لمعرفة آراء الأشاعرة في هذه المسألة بالتفصيل : انظر اللمع للأشعرى ص ٢٥ والتمهيد للباقلانى ص ٤٧ ، ٤٨ ، ١٥٢ ، ١٥٣ والإنصاف ص ٣٥ له أيضا وأصول الدين للبغدادى ص ٩٣ ، ٩٤ والشامل لإمام الحرمين ص ٦٢١ ، ٦٢٥ ولمع الأدلة ص ٨٢ له أيضا. والاقتصاد في الاعتقاد للغزالى ص ٣٨ ـ ٤٧ ، والمحصل للرازى ص ١١٦ ـ ١١٨ ومعالم أصول الدين ص ٤٢ ـ ٤٤ له أيضا ومن كتب الآمدي غاية المرام ص ٨٥ ـ ٨٧ ، ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي انظر : شرح الطوالع للأصفهانى ص ١٦٦ ـ ١٧٢ والمواقف للإيجي ص ٢٨١ ـ ٢٨٥ وشرح المقاصد ٢ / ٥٩ ـ ٦٤ للتفتازانى.
(٤) سورة فصلت ٤١ / ١٥.
(٥) سورة الذاريات ٥١ / ٥٨.
(٦) سورة هود ١١ / ٦٦.