قولهم : إنما يكون الخرس صفة نقص أن لو بينتم (١) أن الكلام صفة كمال.
قلنا : إذا ثبت أن الرب تعالى حىّ ، ونسلم أن كل حىّ قابل لصفة الكلام ، فالرب ـ تعالى ـ قابل له ، والعقل الاضطرارى يشهد بأن الكلام في حق من هو قابل للكلام صفة كمال ، وعدمه صفة نقص.
/ ولهذا فإن من لم يتصف بالكلام من الأحياء كان حاله أنقص من حال من (٢) اتصف به (٢) ، وحال من اتصف به أكمل من حال من لم يتصف به على ما لا يخفى.
المسلك السادس :
وهو مسلك الأستاذ أبى إسحاق الأسفرايينى ، وهو أن قال : أجمع المسلمون على أننا مأمورون ، منهيون في وقتنا هذا بأمر الله ـ تعالى ـ ونهيه. وهو إما أن يكون قديما ، أو حادثا.
لا جائز أن يكون حادثا : فإنه لا قائل بأن الله ـ تعالى ـ يخلق (٣) لنفسه في وقتنا هذا (٣) أوامر ، ونواهى فإنها لا تبلغنا ، ولا نحن في زمن تبليغ ؛ فلم يبق إلا أن يكون أمره ونهيه قديما ، ولا قديم من الموجودات غير [ذات (٤)] الله ـ تعالى ـ وصفاته على ما يأتى : فكان أمره ، ونهيه صفة قديمة قائمة به.
وهو ضعيف أيضا ؛ إذ للخصم أن يقول : إنما وافق على أمرنا ونهينا ؛ بالأمر والنهى الحادث في زمن الوحى. ولا يلزم من عدم ذلك في وقتنا هذا ؛ امتناع التكليف به في وقتنا هذا بواسطة حكاية النبي له ـ ومن بعده العلماء القائمين بأمر الشريعة.
ولهذا فإن السيد لو أمر عبده بفعل شيء في الغد ؛ فإنه يعد مأمورا بأمر سيده ، وإن كان أمر (٥) سيده (٥) قد عدم في الغد. وكذلك لو وصى (٦) أولاده بصدقة بعد موته ؛ فإنهم
__________________
(١) فى ب (ثبت).
(٢) فى ب (من لم يتصف به).
(٣) فى ب (يخلق في وقتنا هذا لنفسه).
(٤) ساقط من أ.
(٥) فى ب (أمره).
(٦) فى ب (قد أوصى).