بإحداث الله ـ تعالى ـ لهما ؛ فإنه لا مانع من وجود أمرين. أحدهما يلزم الآخر : إما عادة : كملازمة التسخين للنار. وإما اشتراطا : كملازمة العلم للإرادة ، والحياة للعلم ، وليس أحدهما مستفادا من الآخر ؛ بل كلاهما مخلوقان لله ـ تعالى ـ.
قولهم : القدرة القديمة واحدة ، أو متعددة.
قلنا : بل واحدة ، لا تعدد فيهما ، ودليله مسلكان :
المسلك الأول : أنها لو كانت قابله للتعدد : فإما أن تكون أعدادها ، متناهية ، أو غير متناهية.
فإن كانت متناهية : فما من عدد يفرض إلا وفرض الزيادة عليه لا يلزم منه الحال.
فكل عدد معرض قائله له ؛ فهو جائز عليها.
وعند ذلك فتخصيصها ببعض الأعداد دون البعض : إما لمخصص ، أو لا لمخصص.
فإن كان الأول : فالمخصص لها بذلك العدد : إما موجب بالذات ، أو بالاختيار.
فإن كان الأول : فهو محال ، فإن نسبة الموجب بالذات إلى كل ما يفرض من الأعداد نسبته واحدة ، فليس تخصيصه للبعض دون البعض ؛ أولى من العكس.
وإن كان موجبا بالاختيار ، والقدرة : فإما / أن تكون تلك القدرة قديمة ، أو حادثة.
فإن كانت قديمة : فهى من الجملة المفروضة ، وليس جعل البعض منها مخصصا للباقى ، أولى من العكس.
وإن كانت حادثة : فالحادث لا يكون مخصصا للقديم.
وإن كان ذلك لا لمخصص : ففيه فرض وقوع الجائز لا لمخصص ؛ وهو محال كما سبق (١).
وأما إن كانت أعدادها غير متناهية ؛ فهو ممتنع لما سبق أيضا (٢) ، ويلزم من إبطال كل واحد من القسمين ؛ إبطال التعدد.
__________________
(١) راجع ما سبق ل ٥٩ / أوما بعدها.
(٢) انظر ل ٤١ / ب.