المسلك الثانى : أن يقول : لو كانت متعددة متكثرة ؛ فلا يخلو : إما أن تكون متفقة من كل وجه ، أو مختلفة من كل وجه ، أو متفقة من وجه دون وجه.
فإن كان الأول : فلا تعدد ، ولا كثرة ؛ فإن التكثر في أشخاص الحقيقة الواحدة من غير مميز محال.
وإن كان الثانى : فالقدرة ليست إلا واحدة منها ، والباقى ليس بقدرة.
وإن كان الثالث : فما به تميز كل واحد من أعداد القدر (١) عن الآخر إما أن يكون اختصاصه به لذاته ، أو لمخصص من خارج.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا لما وقع الاختلاف فيه بين أعداد القدر (٢) ؛ لاشتراك الكل في حقيقة القدرة الموجبة لتخصيصه.
ولا جائز أن يقال بالثانى : وإلا فالمخصص لكل واحد منها بما تخصص به إما أن يكون موجبا لذلك بالذات ، أو بالقدرة.
فإن كان بالذات : فهو أيضا محال ؛ لأن نسبة الموجب بالذات إلى الكل نسبة واحدة ؛ ضرورة التماثل ، وليس تخصيصه [بما] (٣) تخصص به البعض دون البعض ؛ أولى من العكس.
وإن كان مخصصا بالقدرة : فالقدرة المخصصة : إما قديمة ، أو حادثة.
لا جائز أن تكون حادثة ؛ فإن الحادث لا يكون مخصصا للقديم.
وإن كانت قديمة : فهى من الجملة ، والكلام فيما تخصصت به : كالكلام في الأول. وذلك يجر إلى التسلسل ، أو الدور ؛ وهو ممتنع.
وإذا بطل كل واحد من الأقسام اللازمة من التعدد ؛ فلا تعدد.
كيف وأن الطريق إلى ثبوت صفة القدرة إنما هو كون الكائنات ؛ وذلك إنما يدل على أنه لا بدّ من قدرة يحصل بها الإيجاد ، ولا مانع من أن تكون القدرة واحدة ،
__________________
(١) فى ب (القدرة).
(٢) فى ب (القدرة).
(٣) فى أ (لما).