قولهم : إن تأثيره في الأثر صفة متجددة ، بعد أن لم تكن ، ويلزم من ذلك التسلسل ، أو الدور ؛ وليس كذلك ؛ فإنه وإن كان التأثير صفة متجددة ؛ فلا معنى له غير وجود الحادث بقدرة المؤثّر في وقت حدوث الأثر ، وتجدد الإيجاد بالقدرة ، من مقتضيات القدرة القديمة ؛ فإن القدرة عبارة : عما من شأنه تخصيص الحادث بالوجود ، دون العدم. لا ما يلازمه التخصيص ؛ فلا يلزم من ذلك وجود سبب آخر ، ومؤثر آخر ؛ فلا دور ، ولا تسلسل.
قولهم : إن المخير بين قدحين ، أو طريقين متساويين. قد يختار أحدهما من غير سبب مرجح.
قلنا : التساوى : إنما وقع في الفرض والمقصود ، وهو عندنا غير مفيد في / الترجيح كما يأتى. والمرجح إنما هو القدرة المتعلقة بالإيجاد ، والإرادة المخصصة ؛ وهو موجود لا محالة. حتى أنه لو لم يكن قادرا على أخذ أحد القدحين ، أو سلوك أحد الطريقين ، ولا تعلقت إرادته بأحدهما ؛ فإن الترجيح يكون ممتنعا.
قولهم : ما المانع أن تكون ذات الممكن أولى بالوجود من العدم ، لا على وجه ينتهى إلى حد الوجوب بالذات؟
قلنا : لو كانت ذاته أولى بالوجود ، فإن لم تجوز مع ذلك عدمه ؛ فهو واجب لذاته ، وليس ممكنا ؛ وهو خلاف الفرض.
وإن (١) جوز مع ذلك عدمه ؛ ففرض عدمه ؛ غير محال.
وعند فرض عدمه ، فإن كان العدم أولى بذاته : فالأوقات (٢) متشابهة ويلزم (٣) من ذلك أن يكون الوجود والعدم أولى بالممكن معا : وفيه جمع بين متقابلين ؛ وهو محال.
وإن لم يكن العدم أولى به : فلا بد له من علة خارجة ، وإلا كان الممكن قد ترجح من غير مرجح أصلا ؛ وهو محال.
__________________
(١) فى ب (وقد)
(٢) فى ب (والأوقات)
(٣) فى ب (فيلزم)