ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون (إِنْ كانَتْ) اى النّفخة أو البعثة (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) هي النّفخة الاخيرة (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) بيان لتسهيل امر البعث واستغنائه عن الأسباب (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) يعنى انّ أصحاب الجنّة فارغون من الحساب وفي شغل عظيم فخيم متلذّذون به بخلاف أصحاب الشّمال فانّهم في الحساب وفي العذاب معذّبون ، عن الصّادق (ع) : شغلوا بافتضاض العذارى (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ) اى السّرر المزيّنة جمع الأريكة وهي سرير في حجلة وكلّ ما يتّكأ عليه من سرير ومنصّة وفراش أو سرير منجّد مزيّن في قبّة أو بيت (مُتَّكِؤُنَ) عن الباقر (ع) انّه قال : قال رسول الله (ص) : إذا جلس المؤمن على سريره اهتزّ سريره فرحا (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) عظيمة لذيذة لا يمكن وصفها (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) ما يشتهون أو ما يتمنّون من قولهم ادع على ما شئت ، أو ما يدّعونه في الدّنيا من الجنّة ونعيمها بسبب ايمانهم ، أو ما يدّعونه في الدّنيا من لقاء الله (سَلامٌ) بدل من ما يدّعون أو خبر مبتدء محذوف اى هو سلام أو مبتدء خبر محذوف اى لهم سلام (قَوْلاً) حال موطّئة (مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) صفة قولا وهو فوق كلّ نعم الجنان (وَامْتازُوا) اى يقال امتازوا (الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) يعنى بعد ما جمعهم الله يؤمر أهل الجنّة بالدّخول في الجنّة ويقال لأهل النّار : امتازوا عن أهل الجنّة ، عن القمىّ : إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على اقدامهم حتّى يلجمهم العرق فتنادوا : يا ربّ حاسبنا ولو الى النّار قال : فيبعث الله عزوجل رياحا فتضرب بينهم وينادى مناد : وامتازوا اليوم ايّها المجرمون فيميّز بينهم فصار المجرمون في النّار ، ومن كان في قلبه الايمان صار الى الجنّة (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ) حال أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر بتقدير القول ، أو ابتداء كلام من الله للحاضرين (يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) عبادة طاعة كعبادة أكثر النّاس له فيما يأمره وينهاه ، أو عبادة عبوديّة كعبادة الابليسيّة (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي) عبادة طاعة في طاعة خلفائي وعبادة عبوديّة بالاستكانة لي (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا) قرئ جبلّا بكسر الجيم والباء وتشديد اللّام ، وقرئ جبلا بضمّ الجيم وسكون الباء وتخفيف اللّام ، وقرئ بضمّ الجيم والباء وتشديد اللّام ، وقرئ جبلا بضمّهما وتخفيف اللّام ، ومعنى الجميع الخلق والخلق الكثير (كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) عن الباقر (ع) وليست تشهد الجوارح على مؤمن انّما تشهد على من حقّت عليه كلمة العذاب ، فامّا المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عزوجل (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) يعنى مسخنا أعينهم في الدّنيا حتّى لا يبصروا في الدّنيا أو مسخنا أعينهم في الآخرة (فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ) للسّلوك عليه (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) الطّريق وما فيه فضلا عن غيره (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ) بتبديل صورهم الانسانيّة الى الصّور الاخر (عَلى مَكانَتِهِمْ) على منزلتهم أو ثابتين في أمكنتهم (فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ) ولا رجوعا (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) اى في خلقته بان نجعل أعضاءه وقواه في الانتقاص ، أو ننكّسه بين الخلق بان نجعله منحنيا أو منتقصا من أعضائه وقواه والجملة حاليّة لتأييد القدرة على الطّمس والمسخ (أَفَلا يَعْقِلُونَ) أفلا يتنبّهون فيصيرون عقلاء ، أو أفلا يتفكّرون فيعقلون انّ الانتقاص في الخلقة ينتهى الى الفناء (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ)