راسِياتٍ) ثابتات على الاثافىّ لا تنزل عن مكانها لعظمها (اعْمَلُوا) اى قائلين اعملوا (آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) الكثير الشّكر الّذى لا يغفل عن النّعمة والانعام وتعظيم المنعم وصرفها في وجهها ومع ذلك لا يمكن لأحد أداء الشّكر حقّه ، لانّ الشّكر نعمة أعظم من كلّ نعمة يشكر عليها (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) اى الارضة وهي بتحريك الرّاء دويبة معروفة تأكل الخشب وتجعله كالأرض وفعلها يسمّى أرضا بمعنى أكل الخشب وجعله كالأرض لانّها تجعل سطح الخشب من الطّين الّذى تجعله عليه كالأرض واضافتها الى الأرض اضافة الفاعل الى الفعل أو اضافة الفاعل الى ما يجعل المنفعل مثله ، ومفعول دلّهم راجع الى الجنّ أو الى الانس أو الى المجموع (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) اسم آلة من نسأه إذا طرده أو دفعه أو ساقه (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) روى عن الرّضا (ع) : انّ سليمان بن داود (ع) قال ذات يوم لأصحابه : انّ الله تعالى وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي سخّر لي الرّيح والانس والجنّ والطّير والوحوش وعلّمنى منطق الطّير وآتاني من كلّ شيء ، ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تمّ لي سرور يوم الى اللّيل وقد أحببت ان ادخل قصرى في غد فاصعد أعلاه وانظر الى ممالكي ولا تأذنوا لأحد علىّ لئلّا يرد علىّ ما ينغّص علىّ يومى ، قالوا : نعم ، فلمّا كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد الى أعلى موضع من قصره ووقف متّكئا على عصاه ينظر الى ممالكه مسرورا بما اوتى فرحا بما اعطى إذ نظر الى شابّ حسن الوجه واللّباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره فلمّا بصر به سليمان (ع) قال له : من أدخلك الى هذا القصر؟ وقد أردت ان أخلو فيه اليوم؟ فبإذن من دخلت؟ ـ قال الشّابّ : أدخلني هذا القصر ربّه وباذنه دخلت ، فقال : ربّه احقّ به منّى : فمن أنت؟ ـ قال انا ملك الموت ، قال : وفيما جئت؟ ـ قال : جئت لا قبض ، قال : امض لما أمرت به فهذا يوم سروري ، وابى الله عزوجل ان يكون لي سرور دون لقائه ، فقبض ملك الموت روحه وهو متّكى على عصاه ، فبقي سليمان (ع) متّكئا على عصاه وهو ميّت ما شاء الله والنّاس ينظرون اليه وهم يقدّرون انّه حىّ فافتتنوا فيه واختلفوا ، فمنهم من قال : قد بقي سليمان (ع) متّكئا على عصاه هذه الايّام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب ، انّه لربّنا الّذى يجب علينا ان نعبده ، وقال قوم : انّ سليمان (ع) ساحر وانّه يرينا انّه واقف متّكئ على عصاه بسحر أعيننا ، وليس كذلك فقال المؤمنون : انّ سليمان (ع) هو عبد الله ونبيّه يدبّر الله امره بما يشاء فلمّا اختلفوا بعث الله عزوجل الارضة فدبّت في عصاه فلمّا أكلت جوفها انكسرت العصا وخرّ سليمان (ع) من قصره على وجهه ، فشكرت الجنّ للارضة صنيعها فلأجل ذلك لا توجد الارضة في مكان الّا وعندها ماء وطين وذلك قول الله عزوجل : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) تأكل منسأته يعنى عصاه فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ ان لو كانوا (الآية) ثمّ قال الصّادق (ع) ، والله ما نزلت هذه الآية هكذا وانّما نزلت فلمّا خرّ تبيّنت الانس انّ الجنّ لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ، وعن النّبىّ (ص) : عاش سليمان بن داود سبعمائة سنة واثنتى عشرة سنة (لَقَدْ كانَ) جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : هذا المذكور من حوادث السّماء والأرض الدّالّة على علمه تعالى وقدرته وحكمته كان من نعم الله تعالى وانعامه فهل وقع من نقمه ما يدلّ على ذلك؟ ـ فقال تعالى : (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) لأولاد سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان ، عن النّبىّ (ص) انّه سئل عن سبأ أرجل هو أم امرأة؟ ـ فقال : هو رجل من العرب ولّد عشرة تيامن منهم ستّة وتشاءم منهم اربعة فامّا الّذين تيامنوا فالأزد وكندة ومذحج والأشعرون وأنمار وحمير ، قيل : ما أنمار؟ ـ قال : الّذين منهم خثعم وبجيلة ، وامّا الّذين تشاءموا فعاملة وجزام ولخم وغسّان (فِي مَسْكَنِهِمْ) وقرئ في مساكنهم وهو موضع سكناهم ، قيل : كان باليمن ويقال له مأرب بينه وبين صنعاء مسيرة ثلاث