يكون بعيدا أو في أعلى الإناء.
ولأنّه وارد علكيم ؛ لأنّ الخلاء وإن لم يكن مانعا من نزول الماء ، بل معين له على نزوله ، حيث لا ممانعة فيه لما تقتضي طبيعة الماء من النزول ، كذلك الهواء لا ممانعة فيه عن مقتضى طبيعة الماء من النزول ، ولهذا تتحرك الأجسام في الأهوية ، بل ويكون معينا له على النزول ليستقر مكانه ، فإنّه طبيعي للهواء لا للماء. ولو كان المانع الملاء لكن لا يمنع من وجود الخلاء اليسير بين أجزائه أو في غير ذلك الموضع. ولو سلّم وجود الملاء الذي لا يتخلّله خلاء ، لكن لا يدل على امتناع الخلاء كما تقدم.
واعتذارهم في نزول الماء مع سعة الثقب بصعود الهواء من جانب منه ونزول الماء من آخر ، آت مع ضيق الثقب ، لأنّ كلّ واحد من هذين العنصرين لطيف جدا يقبل التشكلات بأجمعها بسهولة ، فلما ذا لا يحصل هذا الأثر مع الثقب الضيق كما حصل مع اتساعه. وأيضا يلزم الترجيح من غير مرجّح ، إذ لا أولوية لنزول الماء من بعض الجهات وصعود الهواء من بعضها. وأيضا إذا فرضنا الإناء مملوءا ماء حارا ، ثمّ لحقه البرد لزمه التكاثف وكان ينزل الماء ، وليس كذلك. وأيضا إذا كان الثقب واسعا ونزل الماء من بعض جوانبه وصعد الهواء من البعض الآخر ، فلا بدّ من خلو بعض الإناء ، وهو الموضع الذي ينزل الماء منه ، فإمّا أن يخلع الماء مقداره ويلبس مقدارا أكبر (١) بحيث يملئ ما خلا ، أو يلزم التداخل بواسطة دخول الهواء ، ويلزم على الأوّل أن يخلع الجانب الآخر من الماء الذي يصعد فيه الهواء مقدارا أصغر حتى يدخل الهواء ، وهذان قسريان ، فلم يلبس (٢) الماء مقدارا أكبر حتى ينزل البعض منه.
__________________
(١) م : «أكثر».
(٢) م : «لا يلبس».